أخبار عاجلة

حتى المسيحي 

هو قمّة في التواضع ورحابة الصدر وبشاشة الوجه وولاء أهل البيت عليهم السلام، من خدّام الإمام الرؤوف علي بن موسى الرضا عليه السلام في ليالي السبت وفي المدرسة المجاورة للضريح المقدّس وهي مدرسة (بريزاد) تلك التّي تحدّثنا عنها في ذكرياتنا السابقة ،إنّه يُشرف على حلقات الدروس التّي تُشكّل هناك.

 في ليلة الجمعة و السبت لا أخرج من الحرم إلا و أمرّ من هذه المدرسة للقاء المؤمنين و الجلوس معهم في غرفة صغبرة من غرف المدرسة مساحتها أربعة أمتار مربّع!

البارحة التقيت بذلك المؤمن فرحّب بي أيّ ترحيب وجلسنا معاً نتحدّث عن فضائل ثامن الحجج عليه السلام  وكراماته الخاصة ، فمن جملة تلك الكرامات الجديرة بالتأمّل و التوجّه إليها بعناية ما ذكرها لي ذلك المؤمن و لقبه (حسين زاده) قال:

كان  شاب لا يتجاوز الخمسة عشر سنة يزور الإمام عليه السلام و يمرّ علينا هنا باستمرار ونحن نشتاق إلى الجلوس معه حيث كان سيماه سيما العارفين، ولكنه فجأةً اختفى ولم نره!

بعد حوالي أربع سنوات دخل المدرسة و على عاتقه رداءٌ (عباء) فسلّم عليّ ففرحت كثيراً برؤيته مرة أخرى و أخذته إلى جنب و تحّدثت معه .

أين اختفيت هذه المدّة الطويلة؟ وتركت معشوقَك الإمام عليه السلام ولم تزورنا ؟ ما هكذا الظنّ بك!

قال: أخذني أبي إلى أمريكا وكنت هناك وما زلت أدرس في الثانوية وهي آخر سنة من دراستي،جأت الآن مع سبعة من زملائي الإمريكيين في الصف، لزيارة الإمام عليه السلام!

نعم! كلهّم مسيحيون! كنت أذكر لهم فضائل ثامن الحجج باستمرار وأعظمّه كثيراً وهم يسألون من هو هذا الرجل الذي تتحدّث عنه وأين هو؟ هل يُعقل ما تقوله عنه؟ فلا يصدّقون ، ولكن كنت لا أتركهم أبداً.

اشتاقوا إلى زيارته وقالوا لي تعال معنا إلى مشهد و تكلفة التذكرة و الفندق علينا، ولأن أبي لديه منصب؛سهّل لهم أمر تأشيرة الدخول فأخذتُهم هنا إلى مشهد وسكنّا في فندق مدينة الرضا .

المشكلة أنّ المسؤولين على الحرم لم يسمحوا لهم بالدخول باعتبارهم مسيحيين! يالها من صدمة!

بعد جدال طويل و إصرار سمحوا لهم أن يدخلوا ولكن إلى مكان محدّد يُرى فيه الضريح.

بمجرد أن رأوا الضريح المقدّس ولأوّل مرة، ارتفع صوتهم بالبكاء حتى اسمع كلّ من كانوا حواليهم من الزوّار ، هذا وهم لا يعرفون الإمام مثلنا نحن الشيعة ، معلوماتهم ضئيلة سمعوها منّي فقط!

تأمّل أيها الشيعي .

في المرّة الثانية، ذهبنا للزيارة معاً وبالفعل كانت الحالة نفسها ولكن العجب هو :

أنّنا كنّا ثمانية ولكن أحدنا تأخّر علينا فتركناه فصرنا سبعة ثمّ التحق بنا ونحن واقفون نزور الإمام عليه السلام .

هنا بيت القصيد ..

يقول ذلك الشاب الإمريكي المسيحي ! نعم المسيحي! الذي دخل الحرم متأخراً ! يقول:

بمجرّد ما وصلت إلى المكان المحدّد وهو الباب الذي يطلّّ على مسجد كوهر شاد للإلتحاق بأصدقائي، رأيت العجب!

رأيت : إنّ هناك شخصاً نورانياً في غاية الجمال واقفٌ إلى جنب كلّ زائر يزور الإمام!

 والذي زاد في دهشتي واستغرابي هو:

 أنّ ذلك الشخص بعينه واقف إلى جنب الزائر الآخر! وكلّ زائر من زوار الإمام إلى جنبه ذلك الشخص بعينه! يا إلهي! ماذا أرى!

وكان الزائر عندما ينتهي من زيارته يصاحبه هذا النور الساطع إلى مسافة ثم يتركه و يرجع!

يا عزيزي: هذا ليس في المنام! إنّه في اليقظة!

هذا، وكان هذا الشاب الشيعي يبكي و يتحدّث ويقول: فلم، لم أرى أنا إمامي ؟ أين المشكلة ؟

يقول (حسين زاده) أجبته:

 يا حبيبي هم جاؤوا بقصد زيارة الإمام لا غير وأنت أخذوك معهم لتدلّهم الطريق.

أيّها الأحبّة:

هنا نعرف معنى قوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ،فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)(القمر/44،45). وأيّ جنّة أعظم من حرمهم الطاهر المطهّر ! وأي مليك أكبر منهم وتقول في إذن دخول الحرم (اللهم إني أعتقد حرمة نبيك في غيبته كما أعتقد في حضرته، و أعلم أن رسلك و خلفاءك أحياء عندك يرزقون، يرون مكاني في وقتي هذا و زماني، و يسمعون كلامي، و يردون علي سلامي، و أنك حجبت عن سمعي كلامهم، و فتحت‏ باب‏ فهمي‏ بلذيذ مناجاتهم.) المزار (للشهيد الاول)، ص: 65

أسأل الله أن يوفّقنا و إياكم لزيارتهم عليهم السلام عارفين بحقّهم، وأن تشملنا شفاعتُهم في يوم (لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(لقمان/33).

مشهد المقدّسة

السبت 23 ربيع الثاني 1441

الساعة 8 صباحا

إبراهيم الأنصاري البحراني

عن حجت‌الاسلام ابراهیم الانصاری

شاهد أيضاً

حتى التمر و التين

فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْکَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقينَ..يوسف/٨٨)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *