أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / الإمام علي الرضا “علیه السلام” مناراً للمهتدين ودليلاً للسائرين في طريق التقوى

الإمام علي الرضا “علیه السلام” مناراً للمهتدين ودليلاً للسائرين في طريق التقوى

يؤكد القرآن الكريم في مواقع عديدة على عظمة أهل البيت عليهم السلام ومقامهم ووجوب حبهم والاقتداء بهم والسير على نهجهم من أجل الاقتداء بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتمسك بحبهم والأخذ عنهم. ففي الحديث عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام أنه خطب الناس فقال في خطبته: (أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال: قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).

وما قول الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يجعل حقه على كل الأمة ود أهل البيت عليهم السلام إلا ضمانة الاستقامة والقدرة على قيادة الأمة في طريق الهدى، فهم الصادقون في لهجتهم وسيرتهم ومنهجهم. أهل البيت عليهم السلام أساتذة الفقهاء ومراجع العلماء بمختلف العلوم والمهارات، ومن يقرأ ويتصفح تاريخ حياتهم ويفهم مقامهم ومركزهم العلمي والجهادي يستطيع أن يكتشف هذه الحقيقة بكل وضوح.

الإمام علي الرضا عليه السلام ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين الشهيد ابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام. سليل بيت النبوة، ووارث أهل البيت عليهم السلام، وها هو الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في أخلاقه العملية وسلوكه الخلقي الرفيع يصور لنا جانباً من عظمة أهل البيت عليهم السلام، ويحكي لنا حقيقة هذه الشخصيات الرسالية القدوة التي ما عرفت يوماً الانفصام بين القول والعمل، إبراهيم بن العباس الصولي يصف لنا جانباً من أدب الإمام وحسن خلقه وجميل معاشرته وسمو إنسانيته وأدب محادثته وحسن استماعه قال: (ما رأيت أبا الحسن عليه السلام جفا أحداً بكلمة قط، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما رد أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مد رجله بين يدي جليس له قط، ولا اتكى بين يدي جليس له قط، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط، ولا رأيته يقهقه في ضحكة قط، بل كان ضحكه التبسم) ويروي لنا أحد مرافقيه (كنت مع الإمام الرضا عليه السلام في سفره إلى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت هؤلاء مائدة فقال: مه إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال). هكذا هو الامام عليه السلام يجسد احترام الإنسانية وحسن المعاشرة والتواضع لله سبحانه. فأهل البيت ينطلقون في أخلاقهم وعلاقتهم وسلوكهم من أسس ومنطلقات عقائدية يلتزمون بها ويسحبونها على كل جوانب حياتهم وعلاقاتهم. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقتدين بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته الطاهرين والسائرين على هداهم ومنهجهم والمنتهجين بنهجهم المستقيم.

من وصايا الإمام الرضا (عليه السلام)

الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) هو سليل النبوّة ووارث أهل البيت (عليهم السلام) ثامن الحُجج الطاهرة الذين أوجب الله تعالى مودّتهم كما ذُكِر في القرآن الكريم: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى/ 23). حيث جسّد الإمام (عليه السلام) مبادئ الرسالة حياةً وعملاً وأصبح سلوكه قدوةً وحياته مناراً للمهتدين ودليلاً للسائرين في طريق التقوى والعبادة ومَثلاً أعلى في الأخلاق والسلوك المستقيم. إنّ الإمام الرضا (عليه السلام) في أخلاقه العملية وسلوكه الخُلقي الرفيع  يصوّر لنا جانباً من عظمة أهل البيت (عليهم السلام)، ومَثلاً أعلى في الصِّدق والصبر والتواضع والحلم والعفو عن المسيئ.

وكان الإمام الرضا (عليه السلام) المعلم بسيرته والهادي بسلوكه يجسّد الإنسانية العالية والأخلاقية النبيلة، عن إبراهيم بن العباس الصولي وهو يصف جانباً من هذه الأخلاق الفاضلة التي يتمتع بها الإمام (عليه السلام): «ما رأيتُ أبا الحسن الرضا (عليه السلام) جَفا أحداً بكلمةٍ قطّ ولا رأيتُهُ قَطعَ على أحدٍ كلامَهُ حتى يفرُغَ منه، وما ردَّ أحداً عن حاجةٍ يَقدِرُ عليها ولا حَدَّ رجلَهُ بينَ يَدَي جَليس له قطّ ولا اتّكى بينَ يَدَي جَليس له قطّ، ولا رأيتُهُ شَتَمَ أحداً من مَواليهِ ومَماليكِهِ قطّ، ولا رأيتُهُ تَفَلَ ولا رأيتُهُ يُقَهقِهُ في ضِحكِهِ قطّ، بل كان ضِحكُهُ التّبَسُّمُ، وكانَ إذا خَلا ونَصَبَ مائدَتَهُ أجلَسَ مَعَهُ على مائدَتِهِ مَمَاليكَهُ ومَواليهِ حتى البَوّابَ السَّائِسَ».

وتتجسّد أخلاقه وإنسانيته (عليه السلام) في تعامله مع الفقراء والخدم والعبيد والمساكين فلا ينظر إليهم إلّا بعين المساواة، والإيمان بقانون التفاضل المنزل من الله تعالى وهو التقوى، وهنا يحدّثنا بعض مرافقيه بقوله: «كنتُ مع الإمام الرضا (عليه السلام) في سفرِهِ إلى خُراسان، فدعا يوماً بمائدةٍ له فجمعَ عليها مَواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلتُ فداك لو عزلت هؤلاء مائدة؟، فقال (عليه السلام): (مه إنّ الربّ تبارك وتعالى واحد، والأُمّ واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال)».

وكان الإمام الرضا (عليـه السلام) يُوصي أتباعـه من خـلالهـا تلميذه عبدالعظيم الحسني (رضي الله عنه)، فكان يفكِّر بهم وفي أُمورهم: «يا عبدَالعظيمِ، ابلِغ عنّي أولِيائيَّ السلامَ، وقُل لهم أن لا يجعلوا للشيطانِ على أنفُسِهِم سبيلاً، ومُرهُم بالصِّدقِ في الحديثِ وأداءِ الأمانةِ، ومُرهُم بالسُّكوتِ، وتَركِ الجِدالِ فيما لا يَعنيهِم، وإقبالِ بعضِهِم على بعضٍ، والمُزاورةِ، فإنّ ذلك قُربةً إليَّ، ولا يَشغِلوا أنفُسهُم بتَمزيقِ بعضِهِم بعضاً فإنّي آليتُ على نفسي أنّه مَن فَعلَ ذلك وأسخطَ وَليّاً من أولِيائي دَعوتُ اللهَ ليُعذّبَهُ في الدُّنيا أشدَّ العذابِ وكان في الآخرةِ من الخاسرين. وعَرِّفهُم أنّ اللهَ قد غفرَ لمُحسنِهِم وتَجاوزَ عن مُسيئِهِم إلّا مَن أشرَكَ به أو آذى وَليّاً من أولِيائي أو أضمَرَ له سوءً فإنّ اللهَ لا يغفرُ له حتى يَرجِعَ عنه، فإن رَجَعَ، وإلّا نَزَعَ روحَ الإيمانِ عن قلبِهِ وخَرَجَ عن وَلايَتي، ولم يَكُن له نَصيباً حديث في وَلايتِنا وأعوذُ باللهِ من ذلك».

ويربّينا الإمام (عليه السلام) ويعلِّمنا أنّ المقياس في العبادة ليس كثرة الصلاة والصيام: «ليستِ العبادةُ كَثرَةَ الصِّيامِ والصلاةِ وإنّما العبادةُ كَثرَةُ التَّفكُّر في أمرِ اللهِ». فمعنى العبادة الخضوع لله تعالى ومسأله الخضوع تتصل بالعقل، فبمقدار ما تعرفُ اللهَ تعالى أكثر في عقلك بمقدار ما يخشع عقلك له سبحانه، فيطلب منّا الإمام (عليه السلام) أن نتفكّر في عظمة الله تعالى وأن نتفكّر في نِعمه سبحانه ومن توجيهاته الأخلاقية (عليه السلام) فيما رواه عليّ بن شعيب أنّه قال: دخلتُ على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي: «يا عليُّ، مَن أحسنُ الناسِ معاشاً؟ قلتُ: أنتَ يا سيِّدي أعلمُ به منّي، فقـال (عليه السلام): يا عليُّ، مَن حَسُنَ مَعاشُ غيرِهِ في معاشِهِ، يا عليُّ مَن أسوأ الناسِ معاشاً؟ قلتُ: أنتَ أعلمُ، قال (عليه السلام): مَن لم يعشْ غيرُهُ في مَعاشِهِ، يا عليُّ احسِنُوا جِوارَ النِّعَم فإنّها وَحشيَّةٌ ما نَأتْ عن قوم فعادتْ إليهم، يا عليُّ إنّ شرَّ الناسِ مَن مَنَعَ رِفدَهُ وأكلَ وَحدَهُ وجَلَدَ عَبدَهُ، احسِنِ الظنَّ باللهِ فإنّ مَن حَسُنَ ظنّهُ باللهِ کان اللهُ عندَ حُسن ظنّهِ، ومَن رَضِي بالقليل من الرزقِ قبل منه اليَسير من العملِ، ومَن رَضِي باليَسيرِ من الحلال خفّت مؤونته ونَعِم أهلُه وبصّره اللهُ داءَ الدُّنيا ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دارِ  السلامِ».

الحاج عمار كاظم

عن خاکسار

شاهد أيضاً

السيد نصر الله: يحضرنا الشهيد سليماني والشهيد زاهدي في كل معركة

قال الامين العام لحزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله: في كل معركة يحضرنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *