أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / هل كانت أوكرانيا “فخاً” لروسيا أم لأوروبا؟!

هل كانت أوكرانيا “فخاً” لروسيا أم لأوروبا؟!

وقع ما كنا نتوقعه، فروسيا لم تغز اوكرانيا واكتفت ببسطت سيطرتها على منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرقي اوكرانيا القريبة حدودها، وهما منطقتان يشكل الناطقون بالروسية اغلب سكانها، ولم تنجر الى حرب شاملة كما كان ينتظر الغرب.

روسيا اعترفت بـ”استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك” المعلنتان من جانب واحد، وارسلت إثر ذلك قوات عسكرية اليهما ، واطلقت عليها قوات حفظ السلام.

في القابل وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع على حزمة عقوبات اولية ضد روسيا تستهدف النواب الروس لدعمهم الاعتراف باستقلال المنطقتين متهمين روسيا بانتهاك القانون الدولي وخرق التزاماتها.

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل قال، ان العقوبات ستكون موجعة جدا لروسيا، وان عملية تجميد أصول وحظر تأشيرات ستطال 351 عضوا في مجلس الدوما الروسي لأنهم ناشدوا الرئيس فلاديمير بوتين اتخاذ تلك الخطوة.

كما أمر المستشار الألماني أولاف شولتس، وزارة الاقتصاد الالمانية، بالتوجيه للشركة الألمانية المنظمة لمشروع “التيار الشمالي 2” من أجل إلغاء العقد، الذي كان بموجبه تورد روسيا المزيد من الغاز الى اوروبا،  معتبرا هذا الإجراء خطوة ضرورية، كرد على اعتراف روسيا باستقلال  لوغانسك ودونيتسك.

كان واضحا، ان يحدث هذا السيناريو في اي لحظة، بعد ان رفضت امريكا مطالب روسيا بعدم ضم اوكرانيا الى حلف الناتو، الذي اعتبرته تهديدا لامنها القومي، ولم تقدم اي ضمانات يمكن ان تقلل من هواجس روسيا في هذا الشان، بل على العكس تماما، كانت كل خطابات وتصريحات المسؤولين في اوكرانيا تصر على انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو، وهي خطابات وتصريحات كانت تلقى تشجيعا وتاييدا من قبل الغرب.

يرى بعض المراقبين ان الخاسر الاكبر في هذا الصراع هو اوكرانيا، التي تجزأت، وبات الخطر يتهددها، دون ان يحفظ لها الناتو وحدة اراضيها وسيادتها، ولم تؤد تدخلات الناتو وتحركاته الاستفزازية بقيادة امريكا، سوى الى تعقيد الازمة ووضع اوكرانيا كلها على كف عفريت.

من الواضح انه حتى الغربيين يعلمون ان العقوبات لن تغير من موقف روسيا، حيث اعلن وزير الخارجية الروسي ​سيرغي لافروف​ أن موسكو معتادة على العقوبات، ورد فعل الغرب كان متوقعا.

الخاسر الاكبر الثاني في هذا الصرع  هو اوروبا، ويرى العديد الخبراء الاقتصاديين، ان الازمة ستلقي بثقلها على اوروبا، بعد ان اعلنت برلين تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” مع روسيا، في مسعى للاضرار بها، الا ان الامر سينعكس سلبا على توريد الغاز للقارة الاوروبية والذي تعتمد بصورة رئيسة على الغز الروسي، ثم امدادات الشرق الأوسط ،فروسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 و40% تقريبا من الإمدادات الفعلية للغاز الى أوروبا، فيما الغاز المورد من قطر يرتبط بعقود طويلة الاجل ولا يمكن تحويله لأوروبا بسرعة وان ما يصل اوروبا من غاز قطري يتراوح بين 10 و15% فقط من احتياجاتها ومع ذلك فان حجم الغاز القطري غير قابل للزيادة والتحويل المباشر بسبب محدودية مرافئ الغاز الطبيعي المسال في أوروبا.

من المؤكد ان اوروبا لن تستطيع ان تستغني عن الغاز الروسي، كما انها حتى لو حاولت الاستغناء، فان البديل لن يكون متوفرا، وحتى لو وجد البديل فانه سيحتاج الى وقت طويل جدا لسد الفراغ الذي تركته روسيا، الامر الذي سيضاعف من قيمة الغاز، وهو ما سينعكس سلبا على حياة المواطنين في القارة الاوروبية.

ليس الاقتصاد هو التحدي الاكبر الذي سيواجه اوروبا جراء الازمة مع روسيا، بل هناك ايضا شبح الحرب، الذي سيبقى مخيما على كل اوروبا، وهذا ما اعترف به  وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي رزنيكوف،الذي حذر في خطاب موجه إلى الجنود الاوكرانيين، من “محنة” و”خسائر” مقبلة.

كان من الافضل لا يضحى المسؤولون في اوكرانيا ببلادهم في مقابل ان ينضموا الى حلف الناتو، وكان من الافضل لاوروبا عدم استفزاز روسيا ، من خلال التاييد الاعمى للسياسة الامريكية، التي ليس في افقها سوى المصلحة الامريكية، حتى لو كانت على حساب مصالح حلفائها  الاوروبيين، فاوكرانيا التي كانت من المفترض ان تكون فخا لروسيا، الا ان اوروبا هي التي وقعت فيه.

*فيروز بغدادي

عن خاکسار

شاهد أيضاً

الاحتلال الصهيوني يدمر نحو 300 منزل في العملية المستمرة على جباليا

أعلن الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل أن العملية الإسرائيلية المكثفة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *