أخبار عاجلة
الرئيسية / معارف / معجزات / معجزات/اَلْمُعْجِزَاتِ الاَنبِیاء

معجزات/اَلْمُعْجِزَاتِ الاَنبِیاء

بسم الله الرحمن الرحیم الحمدلله رب العالمین

امام حسن عسکری ، پيامبر اکرم. عَلَيْهِم السَّلاَمُ
[تفسير الإمام عليه السلام ] ، ج، [الإحتجاج] ، بِالْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ:قُلْتُ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ  يُنَاظِرُ اَلْيَهُودَ  وَ  اَلْمُشْرِكِينَ إِذَا عَاتَبُوهُ وَ يُحَاجُّهُمْ قَالَ بَلَى مِرَاراً كَثِيرَةً مِنْهَا مَا حَكَى اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِمْ وَ قٰالُوا مٰا لِهٰذَا اَلرَّسُولِ يَأْكُلُ اَلطَّعٰامَ وَ يَمْشِي فِي اَلْأَسْوٰاقِ لَوْ لاٰ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ إِلَى قَوْلِهِ: رَجُلاً مَسْحُوراً وَ قٰالُوا لَوْ لاٰ نُزِّلَ هٰذَا اَلْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ وَ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا مِنَ اَلْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى قَوْلِهِ: كِتٰاباً نَقْرَؤُهُ ثُمَّ قِيلَ لَهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً كَمُوسَى لَنَزَّلْتَ عَلَيْنَا اَلصَّاعِقَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا إِلَيْكَ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَشَدُّ مِنْ مَسَائِلِ قَوْمِ مُوسَى لِمُوسَى قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ قَاعِداً ذَاتَ يَوْمٍ بِمَكَّةَ بِفِنَاءِ اَلْكَعْبَةِ إِذَا اِجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ مِنْهُمُ اَلْوَلِيدُ بْنُ اَلْمُغِيرَةِ اَلْمَخْزُومِيُّ وَ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ وَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَ اَلْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ اَلسَّهْمِيُّ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ اَلْمَخْزُومِيُّ وَ كَانَ مَعَهُمْ جَمْعٌ مِمَّنْ يَلِيهِمْ كَثِيرٌ وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اَللَّهِ وَ يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ عَنِ اَللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ فَقَالَ اَلْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَقَدِ اِسْتَفْحَلَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ وَ عَظُمَ خَطْبُهُ فَتَعَالَوْا نَبْدَأْ بِتَقْرِيعِهِ وَ تَبْكِيتِهِ وَ تَوْبِيخِهِ وَ اَلاِحْتِجَاجِ عَلَيْهِ وَ إِبْطَالِ مَا جَاءَ بِهِ لِيَهُونَ خَطْبُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَ يَصْغَرَ قَدْرُهُ عِنْدَهُمْ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْزِعَهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ غَيِّهِ وَ بَاطِلِهِ وَ تَمَرُّدِهِ وَ طُغْيَانِهِ فَإِنِ اِنْتَهَى وَ إِلاَّ عَامَلْنَاهُ بِالسَّيْفِ اَلْبَاتِرِ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَمَنِ اَلَّذِي يَلِي كَلاَمَهُ وَ مُجَادَلَتَهُ قَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ اَلْمَخْزُومِيُّ أَنَا إِلَى ذَلِكَ أَ فَمَا تَرْضَانِي لَهُ قِرْناً حَسِيباً وَ مُجَادِلاً كَفِيّاً قَالَ أَبُو جَهْلٍ بَلَى فَأَتَوْهُ بِأَجْمَعِهِمْ فَابْتَدَأَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ اَلْمَخْزُومِيُّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَقَدِ اِدَّعَيْتَ دَعْوَى عَظِيمَةً وَ قُلْتَ مَقَالاً هَائِلاً زَعَمْتَ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ وَ مَا يَنْبَغِي لِرَبِّ اَلْعَالَمِينَ وَ خَالِقِ اَلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ رَسُولَهُ بشرا [بَشَرٌ] مِثْلُنَا تَأْكُلُ كَمَا نَأْكُلُ وَ تَمْشِي فِي اَلْأَسْوَاقِ كَمَا نَمْشِي فَهَذَا مَلِكُ اَلرُّومِ وَ هَذَا مَلِكُ اَلْفُرْسِ لاَ يَبْعَثَانِ رَسُولاً إِلاَّ كَثِيرَ مَالٍ عَظِيمَ حَالٍ لَهُ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ فَسَاطِيطُ وَ خِيَامٌ وَ عَبِيدٌ وَ خُدَّامٌ وَ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ فَوْقَ هَؤُلاَءِ كُلِّهِمْ وَ هُمْ عَبِيدُهُ وَ لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ بَلْ لَوْ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا نَبِيّاً لَكَانَ إِنَّمَا يَبْعَثُ إِلَيْنَا مَلَكاً لاَ بَشَراً مِثْلَنَا مَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ إِلاَّ مَسْحُوراً وَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ كَلاَمِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى لَوْ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا رَسُولاً لَبَعَثَ أَجَلَّ مَنْ فِيمَا بَيْنَنَا مَالاً وَ أَحْسَنَهُ حَالاً فَهَلاَّ نَزَلَ هَذَا اَلْقُرْآنُ اَلَّذِي تَزْعَمُ أَنَّ اَللَّهَ أَنْزَلَهُ عَلَيْكَ وَ اِنْبَعَثَكَ بِهِ رَسُولاً عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ إِمَّا اَلْوَلِيدُ بْنُ اَلْمُغِيرَةِ بِمَكَّةَ وَ إِمَّا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ اَلثَّقَفِيُّ بِالطَّائِفِ فَقَالَرَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ كَلاَمِكَ شَيْءٌ يَا عَبْدَ اَللَّهِ فَقَالَ بَلَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا مِنَ اَلْأَرْضِ يَنْبُوعاً بِمَكَّةَ هَذِهِ فَإِنَّهَا ذَاتُ أَحْجَارٍ وَعِرَةٍ وَ جِبَالٍ تَكْسَحُ أَرْضَهَا وَ تَحْفِرُهَا وَ تُجْرِي فِيهَا اَلْعُيُونَ فَإِنَّنَا إِلَى ذَلِكَ مُحْتَاجُونَ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتَأْكُلُ مِنْهَا وَ تُطْعِمُنَا فَتُفَجِّرَ اَلْأَنْهٰارَ خِلاٰلَهٰا خِلاَلَ تِلْكَ اَلنَّخِيلِ وَ اَلْأَعْنَابِ تَفْجِيراً `أَوْ تُسْقِطَ اَلسَّمٰاءَ كَمٰا زَعَمْتَ عَلَيْنٰا كِسَفاً فَإِنَّكَ قُلْتَ لَنَا وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ اَلسَّمٰاءِ سٰاقِطاً يَقُولُوا سَحٰابٌ مَرْكُومٌ فَلَعَلَّنَا نَقُولُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: أَوْ تَأْتِيَ بِاللّٰهِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ قَبِيلاً تَأْتِي بِهِ وَ بِهِمْ وَ هُمْ لَنَا مُقَابِلُونَ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ تُعْطِينَا مِنْهُ وَ تُغْنِينَا بِهِ فَلَعَلَّنَا نَطْغَى فَإِنَّكَ قُلْتَ لَنَا كَلاّٰ إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ لَيَطْغىٰ `أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنىٰ ثُمَّ قَالَ: أَوْ تَرْقىٰ فِي اَلسَّمٰاءِ أَيْ تَصْعَدَ فِي اَلسَّمَاءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ أَيْ لِصُعُودِكَ حَتّٰى تُنَزِّلَ عَلَيْنٰا كِتٰاباً نَقْرَؤُهُ مِنَ اَللَّهِ اَلْعَزِيزِ اَلْحَكِيمِ إِلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ اَلْمَخْزُومِيِّ وَ مَنْ مَعَهُ بِأَنْ آمِنُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ رَسُولِي فَصَدِّقُوهُ فِي مَقَالِهِ فَإِنَّهُ مِنْ عِنْدِي ثُمَّ لاَ أَدْرِي يَا مُحَمَّدُ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا كُلَّهُ أُؤْمِنُ بِكَ أَوْ لاَ أُؤْمِنُ بِكَ بَلْ لَوْ رَفَعْتَنَا إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ فَتَحْتَ أَبْوَابَهَا وَ أَدْخَلْتَنَاهَا لَقُلْنَا إِنَّمٰا سُكِّرَتْ أَبْصٰارُنٰا أَوْ سَحَرْتَنَا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِكَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَ وَ لَيْسَ فِيمَا أَوْرَدْتُهُ عَلَيْكَ كِفَايَةٌ وَ بَلاَغٌ مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَ أَفْصِحْ عَنْ نَفْسِكَ إِنْ كَانَتْ لَكَ حُجَّةٌ وَ أْتِنَا بِمَا سَأَلْنَاكَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلسَّامِعُ لِكُلِّ صَوْتٍ وَ اَلْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ تَعْلَمُ مَا قَالَهُ عِبَادُكَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ وَ قٰالُوا مٰا لِهٰذَا اَلرَّسُولِ يَأْكُلُ اَلطَّعٰامَ وَ يَمْشِي فِي اَلْأَسْوٰاقِ إِلَى قَوْلِهِ: رَجُلاً مَسْحُوراً ثُمَّ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ اَلْأَمْثٰالَ فَضَلُّوا فَلاٰ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ تَبٰارَكَ اَلَّذِي إِنْ شٰاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذٰلِكَ جَنّٰاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهٰارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ فَلَعَلَّكَ تٰارِكٌ بَعْضَ مٰا يُوحىٰ إِلَيْكَ وَ ضٰائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ اَلْآيَةَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ وَ قٰالُوا لَوْ لاٰ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنٰا مَلَكاً لَقُضِيَ اَلْأَمْرُ إِلَى قَوْلِهِ: وَ لَلَبَسْنٰا عَلَيْهِمْ مٰا يَلْبِسُونَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا عَبْدَ اَللَّهِأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنِّي آكُلُ اَلطَّعَامَ كَمَا تَأْكُلُونَ وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِأَجْلِ هَذِهِ أَنْ أَكُونَ لِلَّهِ رَسُولاً فَإِنَّمَا اَلْأَمْرُ لِلَّهِ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَحْكُمُ مٰا يُرِيدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ وَ لَيْسَ لَكَ وَ لاَ لِأَحَدٍ اَلاِعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِلِمَ وَ كَيْفَ أَ لاَ تَرَى أَنَّ اَللَّهَ كَيْفَ أَفْقَرَ بَعْضاً وَ أَغْنَى بَعْضاً وَ أَعَزَّ بَعْضاً وَ أَذَلَّ بَعْضاً وَ أَصَحَّ بَعْضاً وَ أَسْقَمَ بَعْضاً وَ شَرَّفَ بَعْضاً وَ وَضَعَ بَعْضاً وَ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يَأْكُلُ اَلطَّعَامَ ثُمَّ لَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَفْقَرْتَنَا وَ أَغْنَيْتَهُمْ وَ لاَ لِلْوُضَعَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ وَضَعْتَنَا وَ شَرَّفْتَهُمْ [وَ] لاَ لِلزَّمْنَى وَ اَلضُّعَفَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَزْمَنْتَنَا وَ أَضْعَفْتَنَا وَ صَحَّحْتَهُمْ وَ لاَ لِلْأَذِلاَّءِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَذْلَلْتَنَا وَ أَعْزَزْتَهُمْ وَ لاَ لِقِبَاحِ اَلصُّوَرِ أَنْ يَقُولُوا لِمَ أَقْبَحْتَنَا وَ جَمَّلْتَهُمْ بَلْ إِنْ قَالُوا ذَلِكَ كَانُوا عَلَى رَبِّهِمْ رَادِّينَ وَ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ مُنَازِعِينَ وَ بِهِ كَافِرِينَ وَ لَكَانَ جَوَابُهُ لَهُمْ أَنَا اَلْمَلِكُ اَلْخَافِضُ اَلرَّافِعُ اَلْمُغْنِي اَلْمُفْقِرُ اَلْمُعِزُّ اَلْمُذِلُّ اَلْمُصَحِّحُ اَلْمُسْقِمُ وَ أَنْتُمُ اَلْعَبِيدُ لَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ اَلتَّسْلِيمُ لِي وَ اَلاِنْقِيَادُ لِحُكْمِي فَإِنْ سَلَّمْتُمْ كُنْتُمْ عِبَاداً مُؤْمِنِينَ وَ إِنْ أَبَيْتُمْ كُنْتُمْ بِي كَافِرِينَ وَ بِعُقُوبَاتِي مِنَ اَلْهَالِكِينَثُمَّ أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَعْنِي آكُلُ اَلطَّعَامَ يُوحىٰ إِلَيَّ أَنَّمٰا إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ يَعْنِي قُلْ لَهُمْ أَنَا فِي اَلْبَشَرِيَّةِ مِثْلُكُمْ وَ لَكِنْ رَبِّي خَصَّنِي بِالنُّبُوَّةِ دُونَكُمْ كَمَا يَخُصُّ بَعْضَ اَلْبَشَرِ بِالْغِنَى وَ اَلصِّحَّةِ وَ اَلْجَمَالِ دُونَ بَعْضٍ مِنَ اَلْبَشَرِ فَلاَ تُنْكِرُوا أَنْ يَخُصَّنِي أَيْضاً بِالنُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ هَذَا مَلِكُ اَلرُّومِ وَ مَلِكُ اَلْفُرْسِ لاَ يَبْعَثَانِ رَسُولاً إِلاَّ كَثِيرَ اَلْمَالِ عَظِيمَ اَلْحَالِ لَهُ قُصُورٌ وَ دُورٌ وَ فَسَاطِيطُ وَ خِيَامٌ وَ عَبِيدٌ وَ خُدَّامٌ وَ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ فَوْقَ هَؤُلاَءِ كُلِّهِمْ فَإِنَّهُمْ عَبِيدُهُ فَإِنَّ اَللَّهَ لَهُ اَلتَّدْبِيرُ وَ اَلْحُكْمُ لاَ يَفْعَلُ عَلَى ظَنِّكَ وَ حُسْبَانِكَ وَ لاَ بِاقْتِرَاحِكَ بَلْ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَحْكُمُ مٰا يُرِيدُ وَ هُوَ مَحْمُودٌ يَا عَبْدَ اَللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيَّهُ لِيُعَلِّمَ اَلنَّاسَ دِينَهُمْ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ وَ يَكِدَّ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ آنَاءَ لَيْلِهِ وَ نَهَارِهِ فَلَوْ كَانَ صَاحِبَ قُصُورٍ يَحْتَجِبُ فِيهَا وَ عَبِيدٍ وَ خَدَمٍ يَسْتُرُونَهُ عَنِ اَلنَّاسِ أَ لَيْسَ كَانَتِ اَلرِّسَالَةُ تَضِيعُ وَ اَلْأُمُورُ تَتَبَاطَأُ أَ وَ مَا تَرَى اَلْمُلُوكَ إِذَا اِحْتَجَبُوا كَيْفَ يَجْرِي اَلْفَسَادُ وَ اَلْقَبَائِحُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ بِهِ وَ لاَ يَشْعُرُونَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ إِنَّمَا بَعَثَنِي اَللَّهُ وَ لاَ مَالَ لِي لِيُعَرِّفَكُمْ قُدْرَتَهُ وَ قُوَّتَهُ وَ أَنَّهُ هُوَ اَلنَّاصِرُ لِرَسُولِهِ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى قَتْلِهِ وَ لاَ مَنْعِهِ مِنْ رِسَالَتِهِ فَهَذَا أَبْيَنُ فِي قُدْرَتِهِ وَ فِي عَجْزِكُمْ وَ سَوْفَ يُظْفِرُنِي اَللَّهُ بِكُمْ فَأُوَسِّعُكُمْ قَتْلاً وَ أَسْراً ثُمَّ يُظْفِرُنِي اَللَّهُ بِبِلاَدِكُمْ وَ يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا اَلْمُؤْمِنُونَ مِنْ دُونِكُمْ وَ دُونَ مَنْ يُوَافِقُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ وَ لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ بَلْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا نَبِيّاً لَكَانَ إِنَّمَا يَبْعَثُ لَنَا مَلَكاً لاَ بَشَراً مِثْلَنَا فَالْمَلَكُ لاَ تُشَاهِدُهُ حَواسُّكُمْ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا اَلْهَوَاءِ لاَ عِيَانَ مِنْهُ وَ لَوْ شَاهَدْتُمُوهُ بِأَنْ يُزَادَ فِي قُوَى أَبْصَارِكُمْ لَقُلْتُمْ لَيْسَ هَذَا مَلَكاً بَلْ هَذَا بَشَرٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَظْهَرُ لَكُمْ بِصُورَةِ اَلْبَشَرِ اَلَّذِي قَدْ أَلِفْتُمُوهُ لِتَفْهَمُوا عَنْهُ مَقَالَتَهُ وَ تَعْرِفُوا خِطَابَهُ وَ مُرَادَهُ فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ اَلْمَلَكِ وَ أَنَّ مَا يَقُولُهُ حَقٌّ بَلْ إِنَّمَا بَعَثَ اَللَّهُ بَشَراً وَ أَظْهَرَ عَلَى يَدِهِ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلَّتِي لَيْسَتْ فِي طَبَائِعِ اَلْبَشَرِ اَلَّذِينَ قَدْ عَلِمْتُمْ ضَمَائِرَ قُلُوبِهِمْ فَتَعْلَمُونَ بِعَجْزِكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَ أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنَ اَللَّهِ بِالصِّدْقِ لَهُ وَ لَوْ ظَهَرَ لَكُمْ مَلَكٌ وَ ظَهَرَ عَلَى يَدِهِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ اَلْبَشَرُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّكُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي طَبَائِعِ سَائِرِ أَجْنَاسِهِ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ مُعْجِزاً أَ لاَ تَرَوْنَ أَنَّ اَلطُّيُورَ اَلَّتِي تَطِيرُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْهَا بِمُعْجِزٍ لِأَنَّ لَهَا أَجْنَاساً يَقَعُ مِنْهَا مِثْلُ طَيَرَانِهَا وَ لَوْ أَنَّ آدَمِيّاً طَارَ كَطَيَرَانِهَا كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزاً فَاللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَهَّلَ عَلَيْكُمُ اَلْأَمْرَ وَ جَعَلَهُ بِحَيْثُ يَقُومُ عَلَيْكُمْ حُجَّتُهُ وَ أَنْتُمْ تَقْتَرِحُونَ عِلْمَ اَلصَّعْبِ اَلَّذِي لاَ حُجَّةَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَا أَنْتَ إِلاَّ رَجُلٌ مَسْحُورٌ فَكَيْفَ أَكُونُ كَذَلِكَ وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي فِي صِحَّةِ اَلتَّمْيِيزِ وَ اَلْعَقْلِ فَوْقَكُمْ فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيَّ مُنْذُ نَشَأْتُ إِلَى أَنِ اِسْتَكْمَلْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً خِزْيَةً أَوْ ذِلَّةً أَوْ كَذِبَةً أَوْ جِنَايَةً [خَنَاءً] أَوْ خَطأً مِنَ اَلْقَوْلِ أَوْ سَفَهاً مِنَ اَلرَّأْيِ أَ تَظُنُّونَ أَنَّ رَجُلاً يَعْتَصِمُ طُولَ هَذِهِ اَلْمُدَّةِ بِحَوْلِ نَفْسِهِ وَ قُوَّتِهَا أَوْ بِحَوْلِ اَللَّهِ وَ قُوَّتِهِ وَ ذَلِكَ مَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ اَلْأَمْثٰالَ فَضَلُّوا فَلاٰ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً إِلَى أَنْ يُثْبِتُوا عَلَيْكَ عَمًى بِحُجَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ دَعَاوِيهِمُ اَلْبَاطِلَةِ اَلَّتِي يُبَيِّنُ عَلَيْكَ اَلتَّحْصِيلُ بُطْلاَنَهَاثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِوَ أَمَّاقَوْلُكَ لَوْلاٰنُزِّلَ هٰذَااَلْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍاَلْوَلِيدِبْنِ اَلْمُغِيرَةِ بِمَكَّةَ أَوْ عُرْوَةَ بِالطَّائِفِ فَإِنَّ اَللَّهَ لَيْسَ يَسْتَعْظِمُ مَالَ اَلدُّنْيَا كَمَا تَسْتَعْظِمُهُ أَنْتَ وَ لاَ خَطَرَ لَهُ عِنْدَهُ كَمَا لَهُ عِنْدَكَ بَلْ لَوْ كَانَتِ اَلدُّنْيَا عِنْدَهُ تَعْدِلُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَى كَافِراً بِهِ مُخَالِفاً لَهُ شَرْبَةَ مَاءٍ وَ لَيْسَ قِسْمَةُ رَحْمَةِ اَللَّهِ إِلَيْكَ بَلِ اَللَّهُ هُوَ اَلْقَاسِمُ لِلرَّحْمَاتِ وَ اَلْفَاعِلُ لِمَا يَشَاءُ فِي عَبِيدِهِ وَ إِمَائِهِ وَ لَيْسَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّنْ يَخَافُ أَحَداً كَمَا تَخَافُهُ أَنْتَ لِمَالِهِ وَ حَالِهِ فَعَرَفْتَهُ [فَتَعْرِفَهُ] بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لاَ مِمَّنْ يَطْمَعُ فِي أَحَدٍ فِي مَالِهِ أَوْ حَالِهِ كَمَا تَطْمَعُ فَتَخُصَّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ وَ لاَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَحَداً مَحَبَّةَ اَلْهَوَى كَمَا تُحِبُّ فَيُقَدِّمَ مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ اَلتَّقْدِيمَ وَ إِنَّمَا مُعَامَلَتُهُ بِالْعَدْلِ فَلاَ يُؤْثِرُ لِأَفْضَلِ مَرَاتِبِ اَلدِّينِ وَ خِلاَلِهِ إِلاَّ اَلْأَفْضَلَ فِي طَاعَتِهِ وَ اَلْأَجَدَّ فِي خِدْمَتِهِ وَ كَذَا لاَ يُؤَخِّرُ فِي مَرَاتِبِ اَلدِّينِ وَ خِلاَلِهِ إِلاَّ أَشَدَّهُمْ تَبَاطُؤاً عَنْ طَاعَتِهِ وَ إِذَا كَانَ هَذَا صِفَتُهُ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَالٍ وَ لاَ إِلَى حَالٍ بَلْ هَذَا اَلْمَالُ وَ اَلْحَالُ مِنْ تَفَضُّلِهِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ عَلَيْهِ ضَرِيبَةٌ لاَزِمَةٌ فَلاَ يُقَالُ لَهُ إِذَا تَفَضَّلْتَ بِالْمَالِ عَلَى عَبْدٍ فَلاَ بُدَّ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ أَيْضاً لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ إِكْرَاهُهُ عَلَى خِلاَفِ مُرَادِهِ وَ لاَ إِلْزَامُهُ تَفَضُّلاً لِأَنَّهُ تَفَضَّلَ قَبْلَهُ بِنِعْمَةٍ أَ لاَ تَرَى يَا عَبْدَ اَللَّهِ كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ قَبَّحَ صُورَتَهُ وَ كَيْفَ حَسَّنَ صُورَةَ وَاحِدٍ وَ أَفْقَرَهُ وَ كَيْفَ شَرَّفَ وَاحِداً وَ أَفْقَرَهُ وَ كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ وَضَعَهُ ثُمَّ لَيْسَ لِهَذَا اَلْغَنِيِّ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى يَسَارِي جَمَالُ فُلاَنٍ وَ لاَ لِلْجَمِيلِ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى جِمَالِي مَالُ فُلاَنٍ وَ لاَ لِلشَّرِيفِ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى شَرَفِي مَالُ فُلاَنٍ وَ لاَ لِلْوَضِيعِ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى ضِعَتِي شَرَفُ فُلاَنٍ وَ لَكِنَّ اَلْحُكْمَ لِلَّهِ يَقْسِمُ كَيْفَ يَشَاءُ وَ يَفْعَلُ كَمَا يَشَاءُ وَ هُوَ حَكِيمٌ فِي أَفْعَالِهِ مَحْمُودٌ فِي أَعْمَالِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ قٰالُوا لَوْ لاٰ نُزِّلَ هٰذَا اَلْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ نَحْنُ قَسَمْنٰا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا فَأَحْوَجَنَا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ أَحْوَجَ هَذَا إِلَى مَالِ ذَلِكَ وَ أَحْوَجَ ذَلِكَ إِلَى سِلْعَةِ هَذَا وَ إِلَى خِدْمَتِهِ فَتَرَى أَجَلَّ اَلْمُلُوكِ وَ أَغْنَى اَلْأَغْنِيَاءِ مُحْتَاجاً إِلَى أَفْقَرِ اَلْفُقَرَاءِ فِي ضَرْبٍ مِنَ اَلضُّرُوبِ إِمَّا سِلْعَةٌ مَعَهُ لَيْسَتْ مَعَهُ وَ إِمَّا خِدْمَةٌ يَصْلُحُ لَهَا لاَ يَتَهَيَّأُ لِذَلِكَ اَلْمَلِكِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ إِلاَّ بِهِ وَ إِمَّا بَابٌ مِنَ اَلْعُلُومِ وَ اَلْحِكَمِ هُوَ فَقِيرٌ إِلَى أَنْ يَسْتَفِيدَهَا مِنْ هَذَا اَلْفَقِيرِ اَلَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى مَالِ ذَلِكَ اَلْمَلِكِ اَلْغَنِيِّ وَ ذَلِكَ اَلْمَلِكُ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِ هَذَا اَلْفَقِيرِ أَوْ رَأْيِهِ أَوْ مَعْرِفَتِهِ ثُمَّ لَيْسَ لِلْمَلِكِ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ اِجْتَمَعَ إِلَى مَالِي عِلْمُ هَذَا اَلْفَقِيرِ وَ لاَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَقُولَ هَلاَّ اِجْتَمَعَ إِلَى رَأْيِي وَ عِلْمِي وَ مَا أَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ فُنُونِ اَلْحِكَمِ مَالُ هَذَا اَلْمَلِكِ اَلْغَنِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَ رَفَعْنٰا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ لَهُمْ وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمّٰا يَجْمَعُونَ أَيْ مَا يَجْمَعُهُ هَؤُلاَءِ مِنْ أَمْوَالِ اَلدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا مِنَ اَلْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى آخِرِ مَا قُلْتَهُ فَإِنَّكَ اِقْتَرَحْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ أَشْيَاءَ مِنْهَا مَا لَوْ جَاءَكَ بِهِ لَمْ يَكُنْ بُرْهَاناً لِنُبُوَّتِهِ وَ رَسُولُ اَللَّهِ يَرْتَفِعُ أَنْ يَغْتَنِمَ جَهْلَ اَلْجَاهِلِينَ وَ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ وَ مِنْهَا مَا لَوْ جَاءَكَ بِهِ كَانَ مَعَهُ هَلاَكُكَ وَ إِنَّمَا يُؤْتَى بِالْحُجَجِ وَ اَلْبَرَاهِينِ لِيُلْزِمَ عِبَادَ اَللَّهِ اَلْإِيمَانَ بِهَا لاَ لِيَهْلِكُوا بِهَا فَإِنَّمَا اِقْتَرَحْتَ هَلاَكَكَ وَ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ وَ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِهِمْ مِنْ أَنْ يُهْلِكَهُمْ بِمَا يَقْتَرِحُونَ وَ مِنْهَا اَلْمُحَالُ اَلَّذِي لاَ يَصِحُّ وَ لاَ يَجُوزُ كَوْنُهُ وَ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ يُعَرِّفُكَ ذَلِكَ وَ يَقْطَعُ مَعَاذِيرَكَ وَ يَضِيقُ عَلَيْكَ سَبِيلُ مُخَالَفَتِهِ وَ يُلْجِئُكَ بِحُجَجِ اَللَّهِ إِلَى تَصْدِيقِهِ حَتَّى لاَ يَكُونَ لَكَ عِنْدَ ذَلِكَ مَحِيدٌ وَ لاَ مَحِيصٌ وَ مِنْهَا مَا قَدِ اِعْتَرَفْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَنَّكَ فِيهِ مُعَانِدٌ مُتَمَرِّدٌ لاَ تَقْبَلُ حُجَّةً وَ لاَ تُصْغِي إِلَى بُرْهَانٍ وَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَدَوَاؤُهُ عَذَابُ اَللَّهِ اَلنَّازِلُ مِنْ سَمَائِهِ أَوْ فِي جَحِيمِهِ أَوْ بِسُيُوفِ أَوْلِيَائِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا مِنَ اَلْأَرْضِ يَنْبُوعاً بِمَكَّةَ هَذِهِ فَإِنَّهَا ذَاتُ حِجَارَةٍ وَ صُخُورٍ وَ جِبَالٍ تَكْسَحُ أَرْضَهَا وَ تَحْفِرُهَا وَ تُجْرِي فِيهَا اَلْعُيُونَ فَإِنَّنَا إِلَى ذَلِكَ مُحْتَاجُونَ فَإِنَّكَ سَأَلْتَ هَذَا وَ أَنْتَ جَاهِلٌ بِدَلاَئِلِ اَللَّهِ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَ رَأَيْتَ لَوْ فَعَلْتَ هَذَا كُنْتَ مِنْ أَجْلِ هَذَا نَبِيّاً قَالَ لاَ قَالَ أَ رَأَيْتَ اَلطَّائِفَ اَلَّتِي لَكَ فِيهَا بَسَاتِينُ أَ مَا كَانَ هُنَاكَ مَوَاضِعُ فَاسِدَةٌ صَعْبَةٌ أَصْلَحْتَهَا وَ ذَلَّلْتَهَا وَ كَسَحْتَهَا وَ أَجْرَيْتَ فِيهَا عُيُوناً اِسْتَنْبَطْتَهَا قَالَ بَلَى قَالَ وَ هَلْ لَكَ فِيهَا فِي هَذَا نُظَرَاءُ قَالَ بَلَى قَالَ أَ فَصِرْتَ بِذَلِكَ أَنْتَ وَ هُمْ أَنْبِيَاءُ قَالَ لاَ قَالَ فَكَذَلِكَ لاَ يَصِيرُ هَذَا حُجَّةً لِمُحَمَّدٍ لَوْ فَعَلَهُ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَمَا هُوَ إِلاَّ كَقَوْلِكَ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَقُومَ وَ تَمْشِيَ عَلَى اَلْأَرْضِ أَوْ حَتَّى تَأْكُلَ اَلطَّعَامَ كَمَا يَأْكُلُ اَلنَّاسُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتَأْكُلَ مِنْهَا وَ تُطْعِمَنَا وَ تُفَجِّرَ اَلْأَنْهٰارَ خِلاٰلَهٰا تَفْجِيراً أَ وَ لَيْسَ لِأَصْحَابِكَ وَ لَكَ جَنَّاتٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ بِالطَّائِفِ تَأْكُلُونَ وَ تُطْعِمُونَ مِنْهَا وَ تُفَجِّرُونَ اَلْأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيراً أَ فَصِرْتُمْ أَنْبِيَاءَ بِهَذَا قَالَ لاَ قَالَ فَمَا بَالُ اِقْتِرَاحِكُمْ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَشْيَاءَ لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقْتَرِحُونَ لَمَا دَلَّتْ عَلَى صِدْقِهِ بَلْ لَوْ تَعَاطَاهَا لَدَلَّ تَعَاطِيهَا عَلَى كَذِبِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْتَجُّ بِمَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ وَ يَخْتَدِعُ اَلضُّعَفَاءَ عَنْ عُقُولِهِمْ وَ أَدْيَانِهِمْ وَ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ يَجِلُّ وَ يَرْتَفِعُ عَنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا عَبْدَ اَللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَوْ تُسْقِطَ اَلسَّمٰاءَ كَمٰا زَعَمْتَ عَلَيْنٰا كِسَفاً فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ اَلسَّمٰاءِ سٰاقِطاً يَقُولُوا سَحٰابٌ مَرْكُومٌ فَإِنَّ فِي سُقُوطِ اَلسَّمَاءِ عَلَيْكُمْ هَلاَكَكُمْ وَ مَوْتَكُمْ فَإِنَّمَا تُرِيدُ بِهَذَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِأَنْ يُهْلِكَكَ وَ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ أَرْحَمُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ لاَ يُهْلِكُكَ وَ لَكِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْكَ حُجَجَ اَللَّهِ وَ لَيْسَ حُجَجُ اَللَّهِ لِنَبِيِّهِ عَلَى حَسَبِ اِقْتِرَاحِ عِبَادِهِ لِأَنَّ اَلْعِبَادَ جُهَّالٌ بِمَا يَجُوزُ مِنَ اَلصَّلاَحِ وَ بِمَا لاَ يَجُوزُ مِنَ [مِنْهُ] اَلْفَسَادِ وَ قَدْ يَخْتَلِفُ اِقْتِرَاحُهُمْ وَ يَتَضَادُّ حَتَّى يَسْتَحِيلَ وُقُوعُهُ وَ اَللَّهُ لاَ يُجْرِي تَدْبِيرَهُ عَلَى مَا يَلْزَمُ بِهِ اَلْمُحَالُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِوَ هَلْ رَأَيْتَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ طَبِيباً كَانَ دَوَاؤُهُ لِلْمَرْضَى عَلَى حَسَبِ اِقْتِرَاحَاتِهِمْ وَ إِنَّمَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَعْلَمُ صَلاَحَهُ فِيهِ أَحَبَّهُ اَلْعَلِيلُ أَوْ كَرِهَهُ فَأَنْتُمُ اَلْمَرْضَى وَ اَللَّهُ طَبِيبُكُمْ فَإِنْ أَنْفَذْتُمْ لِدَوَائِهِ شَفَاكُمْ وَ إِنْ تَمَرَّدْتُمْ عَلَيْهِ أَسْقَمَكُمْ وَ بَعْدُ فَمَتَى رَأَيْتَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ مُدَّعِي حَقٌٍّّ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِهِمْ فِيمَا مَضَى بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى حَسَبِ اِقْتِرَاحِ اَلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذاً مَا كَانَ يَثْبُتُ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ دَعْوَى وَ لاَ حَقٌّ وَ لاَ كَانَ بَيْنَ ظَالِمٍ وَ مَظْلُومٍ وَ لاَ بَيْنَ صَادِقٍ وَ كَاذِبٍ فَرْقٌ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَوْ تَأْتِيَ بِاللّٰهِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ قَبِيلاً يُقَابِلُونَنَا وَ نُعَايِنُهُمْ فَإِنَّ هَذَا مِنْ اَلْمُحَالِ اَلَّذِي لاَ خَفَاءَ بِهِ لِأَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَ كَالْمَخْلُوقِينَ يَجِيءُ وَ يَذْهَبُ وَ يَتَحَرَّكُ وَ يُقَابِلُ شَيْئاً حَتَّى يُؤْتَى بِهِ فَقَدْ سَأَلْتُمُوهُ بِهَذَا اَلْمُحَالِ وَ إِنَّمَا هَذَا اَلَّذِي دَعَوْتَ إِلَيْهِ صِفَةُ أَصْنَامِكُمْاَلضَّعِيفَةِ اَلْمَنْقُوصَةِ اَلَّتِي لاَ تَسْمَعُ وَ لاَ تُبْصِرُ وَ لاَ تَعْلَمُ وَ لاَ تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئاً وَ لاَ عَنْ أَحَدٍ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَ وَ لَيْسَ لَكَ ضِيَاعٌ وَ جَنَّاتٌبِالطَّائِفِ وَ عَقَارٌ بِمَكَّةَ وَ قُوَّامٌ عَلَيْهَا قَالَ بَلَى قَالَ أَ فَتُشَاهِدُ جَمِيعَ أَحْوَالِهَا بِنَفْسِكَ أَوْ بِسُفَرَاءَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مُعَامِلِيكَ قَالَ بِسُفَرَاءَ قَالَ أَ رَأَيْتَ لَوْ قَالَ مُعَامِلُوكَ وَ أَكَرَتُكَ وَ خَدَمُكَ لِسُفَرَائِكَ لاَ نُصَدِّقُكُمْ فِي هَذِهِ اَلسِّفَارَةِ إِلاَّ أَنْ تَأْتُونَا بِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِنُشَاهِدَهُ فَنَسْمَعَ مَا تَقُولُونَ عَنْهُ شِفَاهاً كُنْتَ تُسَوِّغُهُمْ هَذَا أَ وَ كَانَ يَجُوزُ لَهُمْ عِنْدَكَ ذَلِكَ قَالَ لاَ قَالَ فَمَا اَلَّذِي يَجِبُ عَلَى سُفَرَائِكَ أَ لَيْسَ أَنْ يَأْتُوهُمْ عَنْكَ بِعَلاَمَةٍ صَحِيحَةٍ تَدُلُّهُمْ عَلَى صِدْقِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ قَالَ بَلَى قَالَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَ رَأَيْتَ سَفِيرَكَ لَوْ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُمْ هَذَا عَادَ إِلَيْكَ وَ قَالَ قُمْ مَعِي فَإِنَّهُمْ قَدِ اِقْتَرَحُوا عَلَيَّ مَجِيئَكَ مَعِي أَ لَيْسَ يَكُونُ لَكَ مُخَالِفاً وَ تَقُولُ لَهُ إِنَّمَا أَنْتَ رَسُولٌ لاَ مُشِيرٌ وَ آمِرٌ قَالَ بَلَى قَالَ فَكَيْفَ صِرْتَ تَقْتَرِحُ عَلَى رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ مَا لاَ تُسَوِّغُ عَلَى أَكَرَتِكَ وَ مُعَامِلِيكَ أَنْ يَقْتَرِحُوهُ عَلَى رَسُولِكَ إِلَيْهِمْ وَ كَيْفَ أَرَدْتَ مِنْ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ أَنْ يَسْتَذِمَّ عَلَى رَبِّهِ بِأَنْ يَأْمُرَ عَلَيْهِ وَ يَنْهَى وَ أَنْتَ لاَ تُسَوِّغُ مِثْلَ هَذَا عَلَى رَسُولِكَ إِلَى أَكَرَتِكَ وَ قُوَّامِكَ هَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لِإِبْطَالِ جَمِيعِ مَا ذَكَرْتَهُ فِي كُلِّ مَا اِقْتَرَحْتَهُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ وَ هُوَ اَلذَّهَبُ أَ مَا بَلَغَكَ أَنَّ لِعَظِيمِ مِصْرَ بُيُوتاً مِنْ زُخْرُفٍ قَالَ بَلَى قَالَ أَ فَصَارَ بِذَلِكَ نَبِيّاً قَالَ لاَ قَالَ فَكَذَلِكَ لاَ تُوجِبُ لِمُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتْ لَهُ نُبُوَّةٌ وَ مُحَمَّدٌ لاَ يَغْتَنِمُ جَهْلَكَ بِحُجَجِ اَللَّهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ يَاعَبْدَ اَللَّهِ أَوْ تَرْقىٰ فِي اَلسَّمٰاءِ ثُمَّ قُلْتَ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّٰى تُنَزِّلَ عَلَيْنٰا كِتٰاباً نَقْرَؤُهُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ اَلصُّعُودُ إِلَى اَلسَّمَاءِ أَصْعَبُ مِنَ اَلنُّزُولِ عَنْهَا وَ إِذَا اِعْتَرَفْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَنَّكَ لاَ تُؤْمِنُ إِذَا صَعِدْتَ فَكَذَلِكَ حُكْمُ اَلنُّزُولِ ثُمَّ قُلْتَ حَتّٰى تُنَزِّلَ عَلَيْنٰا كِتٰاباً نَقْرَؤُهُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لاَ أَدْرِي أُومِنُ بِكَ أَوْ لاَ أُومِنُ بِكَ فَأَنْتَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ مُقِرٌّ بِأَنَّكَ تُعَانِدُ حُجَّةَ اَللَّهِ عَلَيْكَ فَلاَ دَوَاءَ لَكَ إِلاَّ تَأْدِيبُهُ عَلَى يَدِ أَوْلِيَائِهِ اَلْبَشَرِ أَوْ مَلاَئِكَتِهِ اَلزَّبَانِيَةِ وَ قَدْ أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيَّ حِكْمَةً جَامِعَةً لِبُطْلاَنِ كُلِّ مَا اِقْتَرَحْتَهُ فَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ سُبْحٰانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاّٰ بَشَراً رَسُولاًمَا أَبْعَدَ رَبِّي عَنْ أَنْ يَفْعَلَ اَلْأَشْيَاءَ عَلَى مَا تَقْتَرِحُهُ اَلْجُهَّالُ بِمَا يَجُوزُ وَ بِمَا لاَ يَجُوزُ وَ هَلْ كُنْتُ إِلاّٰ بَشَراً رَسُولاً لاَ يَلْزَمُنِي إِلاَّ إِقَامَةُ حُجَّةِ اَللَّهِ اَلَّتِي أَعْطَانِي وَ لَيْسَ لِي أَنْ آمُرَ عَلَى رَبِّي وَ لاَ أَنْهَى وَ لاَ أُشِيرَ فَأَكُونَ كَالرَّسُولِ اَلَّذِي بَعَثَهُ مَلِكٌ إِلَى قَوْمٍ مِنْ مُخَالِفِيهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مَا اِقْتَرَحُوهُ عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ يَا مُحَمَّدُ هَاهُنَا وَاحِدَةٌ أَ لَسْتَ زَعَمْتَ أَنَّ قَوْمَ مُوسَى اِحْتَرَقُوا بِالصَّاعِقَةِ لَمَّا سَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمُ اَللَّهُ جَهْرَةً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَوْ كُنْتَ نَبِيّاً لاَحْتَرَقْنَا نَحْنُ أَيْضاً فَقَدْ سَأَلْنَا أَشَدَّ مِمَّا سَأَلَ قَوْمُ مُوسَى لِأَنَّهُمْ زَعَمْتَ أَنَّهُمْ قَالُوا أَرِنَا اَللّٰهَ جَهْرَةً وَ نَحْنُ نَقُولُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَ بِاللّٰهِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ قَبِيلاً نُعَايِنُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا أَبَا جَهْلٍ أَ مَا عَلِمْتَ قِصَّةَ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا رُفِعَ فِي اَلْمَلَكُوتِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّي وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ قَوَّى اَللَّهُ بَصَرَهُ لَمَّا رَفَعَهُ دُونَ اَلسَّمَاءِ حَتَّى أَبْصَرَ اَلْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهَا ظَاهِرِينَ وَ مُسْتَتِرِينَ فَرَأَى رَجُلاً وَ اِمْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَيْهِمَا بِالْهَلاَكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَى آخَرَيْنِ فَدَعَا عَلَيْهِمَا بِالْهَلاَكِ فَهَلَكَا ثُمَّ رَأَى آخَرَيْنِ فَهَمَّ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُاُكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِي وَ إِمَائِي فَإِنِّي أَنَا اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ اَلْجَبَّارُ اَلْحَلِيمُ لاَ تَضُرُّنِي ذُنُوبُ عِبَادِي وَ إِمَائِي كَمَا لاَ تَنْفَعُنِي طَاعَتُهُمْ وَ لَسْتُ أَسُوسُهُمْ بِشِفَاءِ اَلْغَيْظِ كَسِيَاسَتِكَ فَاكْفُفْ دَعْوَتَكَ عَنْ عِبَادِي فَإِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ نَذِيرٌ لاَ شَرِيكٌ فِي اَلْمَمْلَكَةِ وَ لاَ مُهَيْمِنٌ عَلَيَّ وَ عِبَادِي مَعِي بَيْنَ خِلاَلٍ ثَلاَثٍ إِمَّا تَابُوا إِلَيَّ فَتُبْتُ عَلَيْهِمْ وَ غَفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ وَ سَتَرْتُ عُيُوبَهُمْ وَ إِمَّا كَفَفْتُ عَنْهُمْ عَذَابِي لِعِلْمِي بِأَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ ذُرِّيَّاتٌ مُؤْمِنُونَ فَأَرْفُقُ بِالْآبَاءِ اَلْكَافِرِينَ وَ أَتَأَنَّى بِالْأُمَّهَاتِ اَلْكَافِرَاتِ وَ أَرْفَعُ عَنْهُمْ عَذَابِي لِيَخْرُجَ ذَلِكَ اَلْمُؤْمِنُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ فَإِذَا تَزَايَلُوا حَقَّ بِهِمْ عَذَابِي وَ حَاقَ بِهِمْ بَلاَئِي وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَ لاَ هَذَا فَإِنَّ اَلَّذِي أَعْدَدْتُهُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِي أَعْظَمُ مِمَّا تُرِيدُهُ بِهِمْ فَإِنَّ عَذَابِي لِعِبَادِي عَلَى حَسَبِ جَلاَلِي وَ كِبْرِيَائِي يَا إِبْرَاهِيمُ فَخَلِّ بَيْنِي وَ بَيْنَ عِبَادِي فَإِنِّي أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْكَ وَ خَلِّ بَيْنِي وَ بَيْنَ عِبَادِي فَإِنِّي أَنَا اَلْجَبَّارُ اَلْحَلِيمُ اَلْعَلاَّمُ اَلْحَكِيمُ أُدَبِّرُهُمْ بِعِلْمِي وَ أُنَفِّذُ فِيهِمْ قَضَائِي وَ قَدَرِي ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ اَللَّهَ يَا أَبَا جَهْلٍ إِنَّمَا دَفَعَ عَنْكَ اَلْعَذَابَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيُخْرِجُ مِنْ صُلْبِكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً عِكْرِمَةَ اِبْنَكَ وَ سَيَلِي مِنْ أُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ مَا إِنْ أَطَاعَ اَللَّهَ فِيهِ كَانَ عِنْدَ اَللَّهِ جَلِيلاً وَ إِلاَّ فَالْعَذَابُ نَازِلٌ عَلَيْكَ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ قُرَيْشٍ اَلسَّائِلِينَ لَمَّا سَأَلُوا مِنْ هَذَا إِنَّمَا أُمْهِلُوا لِأَنَّ اَللَّهَ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَيُؤْمِنُ بِمُحَمَّدٍ وَ يَنَالُ بِهِ اَلسَّعَادَةَ فَهُوَ لاَ يَقْتَطِعُهُ عَنْ تِلْكَ اَلسَّعَادَةِ وَ لاَ يَبْخَلُ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ مَنْ يُولَدُ مِنْهُ مُؤْمِنٌ فَهُوَ يُنْظِرُ أَبَاهُ لِإِيصَالِ اِبْنِهِ إِلَى اَلسَّعَادَةِ وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لَنَزَلَ اَلْعَذَابُ بِكَافَّتِكُمْ فَانْظُرْ نَحْوَ اَلسَّمَاءِ فَنَظَرَ إِلَى أَكْنَافِهَا وَ إِذَا أَبْوَابُهَا مُفَتَّحَةٌ وَ إِذَا اَلنِّيرَانُ نَازِلَةٌ مِنْهَا مُسَامِتَةٌ لِرُءُوسِ اَلْقَوْمِ تَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى وَجَدُوا حَرَّهَا بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ أَبِي جَهْلٍ وَ اَلْجَمَاعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لاَ تَرُوعَنَّكُمْ فَإِنَّ اَللَّهَ لاَ يُهْلِكُكُمْ بِهَا وَ إِنَّمَا أَظْهَرَهَا عِبْرَةً لَكُمْ ثُمَّ نَظَرُوا وَ إِذَا قَدْ خَرَجَ مِنْ ظُهُورِ اَلْجَمَاعَةِ أَنْوَارٌ قَابَلَتْهَا وَ رَفَعَتْهَا وَ دَفَعَتْهَا حَتَّى أَعَادَتْهَا فِي اَلسَّمَاءِ كَمَا جَاءَتْ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعْضُ هَذِهِ اَلْأَنْوَارِ أَنْوَارُ مَنْ قَدْ عَلِمَ اَللَّهُ أَنَّهُ سَيُسْعِدُهُ بِالْإِيمَانِ بِي مِنْكُمْ مِنْ بَعْدُ وَ بَعْضُهَا أَنْوَارُ ذُرِّيَّةٍ طَيِّبَةٍ سَتَخْرُجُ عَنْ بَعْضِكُمْ مِمَّنْ لاَ يُؤْمِنُ وَ هُمْ يُؤْمِنُونَ .

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار علیهم السلام , جلد 9 , صفحه 269

اللهم صلی علی محمد وآل محمد وعجل فرجهم

عن خاکسار

شاهد أيضاً

معجزات/ظهور آية معجزة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلسَّمُرِيَّ أَعْظَمَ اَللَّهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَاجْمَعْ أَمْرَكَ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *