أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / المفاوضات بين أمريكا وطالبان.. السيناريوهات المحتملة

المفاوضات بين أمريكا وطالبان.. السيناريوهات المحتملة

ان تقييم أمريكا لتداعيات مغادرة أفغانستان هو أن علاقة طالبان مع الصين تتجه نحو التحسن، والعلاقة مع روسيا لن ترضي واشنطن، كما ان العلاقة مع إيران تسبب حالة عدم الرضا لديها، والعلاقة مع القاعدة لا تزال قائمة ولا تريد أمريكا سوى تخفيف حدة التوتر بين طالبان والهند. إذا سارت الأمور على هذا النحو، يمكن لأمريكا وضع سيناريوهين على جدول أعمالها؛ سيناريو إشعال النار في الحروب والسيناريو الآخر هو تحقيق الاستقرار في أفغانستان.

رغم سياسة الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان، التي أدت إلى سقوط نظام الجمهورية، لكن عندما أصبحت جماعة طالبان حاكمة أفغانستان، رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بالحكومة الجديدة لأفغانستان. وبعد حوالي عام، بدأت المفاوضات بين الولايات المتحدة ومسئولي طالبان، وبعد عدة اجتماعات بين مسئولي المخابرات في البلدين، بدأ الممثل الأمريكي الخاص في الاجتماع لقاءاته بقادة طالبان وكذلك القادة السياسيين المعارضين لطالبان المتمركزين خارج أفغانستان.

حسب الأخبار والمعلومات أعلاه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت أمريكا قد اهتمت بأفغانستان مرة أخرى ورسمت موقفا جديدا فيما يتعلق بأفغانستان في إستراتيجيتها؟ يعتمد أي تحليل يتعلق بأفغانستان على الإجابات على الأسئلة الأساسية التالية.

أسئلة جوهرية

ما هو موقف طالبان من القضايا الداخلية لأفغانستان، بما في ذلك الحكومة الشاملة وحقوق الإنسان؟ ما هو موقف طالبان من الصين وإيران وروسيا والهند وباكستان؟ (الصين وإيران وروسيا من بين المتغيرات المهمة المؤثرة في سياسة الولايات المتحدة تجاه أفغانستان). وأخيرا، ما هو موقف طالبان من القاعدة؟

ستحدد الإجابات على هذه الأسئلة ما إذا كانت الإجراءات الجديدة للولايات المتحدة فيما يتعلق بأفغانستان تبرهن على عودتها إلى أفغانستان أم لا. هذا وعند تحليل هذه القضايا يجب التركيز على نقطة مهمة، وهي هل المتغيرات التي دفعت أمريكا إلى مغادرة أفغانستان في عام 2021 قد تغيرت أم لا؟ لأن أمريكا اعتقدت أن الحرب في أفغانستان حرب لا نهاية لها، وأنها قد تواجه مشكلة “فتنمة الحرب” في أفغانستان في المستقبل، كما ذهبت الإدارة الأمريكية أن استمرار الحرب في أفغانستان سيمنعها من التركيز على منطقة شرق آسيا -حيث تقع الصين -وهذه القضايا هي في الواقع أسئلة وقضايا، إذا تمت الإجابة عليها، فربما يكتسب معنى مفاوضات الولايات المتحدة مع طالبان والمسئولين الأفغان الآخرين معنى جديدا. تنظر أمريكا في الخيارات الثلاثة التالية عند التعامل مع الأزمات الدولية أو الأزمات الإقليمية أو أزمات سياستهم الخارجية.

أ-حل الأزمة

ب-إدارة الأزمات

ج-اشتداد حدة الأزمة

عودة أمريكا في أفغانستان

بحسب الإحصائيات المتوفرة، فإن أمريكا تتدخل في الغالب في أزمات تعرض مصالحها بشكل مباشر للخطر، وثانيا تولي اهتماما للأزمات التي يريد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التعامل معها. لذلك يطرح هذا السؤال نفسه وهو ما إذا كانت قضية أفغانستان مرتبطة بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة أو ما إذا كان مجلس الأمن الدولي قد طلب التعامل مع طالبان. والسؤال الرئيس الذي يطرح نفسه هو هل الاستقرار في أفغانستان مهم لأمريكا أم عدم الاستقرار؟

بناء على الإجابة على هذا السؤال، يتم تحديد نمط السلوك الأمريكي. أي، إذا كانت أمريكا تبحث عن عدم الاستقرار في أفغانستان، فمن المحتمل أن تتبنى سياستين، إحداهما إدارة الأزمات والأخرى تصعيد الأزمة، وإذا كانت أمريكا تبحث عن حل للأزمة في أفغانستان، فإنها ستتحرك بالتأكيد نحو حل الأزمة وإنهاءها. بناء على التطورات التي حدثت في أفغانستان خلال العام ونصف العام الماضيين، يمكن تحديد الاتجاه الذي تسير فيه السياسة الأمريكية فيما يتعلق بأفغانستان.

ما هو مؤكد والجواب على الأسئلة أعلاه؛ هو أن سياسة طالبان الداخلية لم تتغير في العام ونصف العام الماضيين. أي أن طالبان لم تتحرك نحو المحادثات بين الأفغان أو احترام حقوق الإنسان أو تشكيل حكومة شاملة. هل يمكن للولايات المتحدة أن تتسامح مع مثل هذه السياسة، فإن الجواب هو أنها تعتمد على ما تحليل الإدارة الأمريكية بعد انسحابها من أفغانستان.

 سيناريوهات أمريكا في أفغانستان

ان تقييم أمريكا لتداعيات مغادرة أفغانستان هو أن علاقة طالبان مع الصين تتجه نحو التحسن، والعلاقة مع روسيا لا ترضي واشنطن، كما ان العلاقة مع إيران تسبب عدم الرضا لدى واشنطن، والعلاقة مع القاعدة لا تزال قائمة وإنها لا ترضي الإدارة الأمريكية أما فيما يتعلق بعلاقة طالبان والهند فإنها كما يبدو ترضي الإدارة الأمريكية ذلك أنها لم تسير نحو التوتر بل تسير نحو إزالة التوترات، أما علاقة طالبان وباكستان هي علاقة مستقرة نوعا ما ومع ان طالبان تعد أفضل خيار لباكستان في أفغانستان لكن علاقة طالبان بنظيرتها في باكستان تثير قلق إسلام آباد، على هذا فان هذه القضية ما زالت تشكل قضية عصية على الحل للإدارة الأمريكية، فلو سارت الأمور على هذا النحو ماذا على الإدارة الأمريكية فعله، هنا تضع الإدارة الأمريكية عدة سيناريوهات على رأس جدول أعمالها:

1-سيناريو وضع الفخ وإشعال النار في الحروب

ان السيناريو الأول هو أن تساهم الولايات المتحدة في زعزعة الاستقرار في أفغانستان، الأمر الذي ينعكس سلبا على حكومة طالبان وكذلك على الصين وروسيا وإيران. سيؤدي عدم الاستقرار هذا إلى ردة فعل هذه الدول وستتجه هذه الدول نحو الصراع مع طالبان. لذلك، تدفع الإدارة الأمريكية بالفعل الأزمة الأفغانية نحو صراع بين طالبان (وحلفاءها، مثل حركة تركستان الشرقية، والحركة الإسلامية لأوزبكستان، وجيش العدل)، مع المنافسين الإقليميين والدوليين للولايات المتحدة، أي إيران وروسيا والصين. وتسمى هذه المسألة في استراتيجيات الدول العظمى “وضع الفخ وإشعال النار في الحروب”. وفق هذه الإستراتيجية، تحاول أمريكا خلق صراعات بين خصومها تحت أي ذريعة ومن ثم تأجيج هذه الصراعات من أجل إهدار طاقة منافسيها. في هذا السيناريو، بالإضافة إلى إضعاف طالبان، ستضعف الجماعات المتحالفة مع طالبان وكذلك القوى الكبرى والإقليمية التي تتنافس مع الولايات المتحدة في أفغانستان أو على الصعيد الدولي.

لذلك، من الممكن أن تدخل الإدارة الأمريكية في مفاوضات مع طالبان وغيرها من السياسيين الأفغان، رغم أنهم يتجهون ظاهريا نحو الاستقرار في أفغانستان، لكن في الواقع نتيجة عملهم يظهر في عدم الاستقرار في أفغانستان.

  2-سيناريو إرساء الاستقرار في أفغانستان

في السيناريو الثاني، تبحث أمريكا عمليا عن الاستقرار في أفغانستان. ان هدف الولايات المتحدة في التفاوض مع طالبان هو مواصلة المحادثات بين الأفغان، وإجبار طالبان على إخراج القاعدة من أفغانستان، ونتيجة لذلك، تريح بالها من أفغانستان، بغية التركيز على الصين في الشرق. وبحسب هذا السيناريو، فإن الإجراءات الحالية لأمريكا في أفغانستان هي استمرار مفاوضات الدوحة بشكل أو بآخر. بمعنى آخر، هذه المحادثات هي جزء آخر من استمرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. أي أن أمريكا سحبت قواتها في وقت ما، وفي نقطة أخرى تستخدم الدبلوماسية لتحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه نتيجة الحرب من خلال الدبلوماسية. في هذه الحالة، ستسعى أمريكا لبدء محادثات بين الأفغان وتشكيل حكومة شاملة واحترام حقوق الإنسان في أفغانستان. كما يجب على القاعدة مغادرة أفغانستان، وفي هذه الحالة يمكن أن تصبح أفغانستان قاعدة لأمريكا مرة أخرى. ستكون هذه القاعدة حكومة محايدة في أسوأ الأحوال (من وجهة نظر أمريكا).

يبدو أن الإدارة الأمريكية قلقة من أنه بعد مغادرة أفغانستان، لم يظهر عدم الاستقرار في أفغانستان فقط ولم تصبح البيئة الإقليمية غير آمنة، ولكن الدول المنافسة للولايات المتحدة تمكنت من إقامة علاقات جيدة مع طالبان، ولا تعتبر طالبان خطرا على دول المنطقة. كما أن أمريكا قلقة من أن دول المنطقة، بتجاهلها لتطور علاقات طالبان مع القاعدة، تضيق المجال لأمريكا. لذلك، يبدو أن أمريكا تحاول اتخاذ دبلوماسية فاعلة لمنع هذا الوضع. ستكون نتيجة هذه الدبلوماسية النشطة هو تطوير العلاقات الأمريكية مع أفغانستان وكذلك الحد من عمليات القاعدة في أفغانستان. في الوقت نفسه، أينما يرون أنه يجوز تفعيل داعش من أجل الإضرار بمصالح الصين وإيران وروسيا أو قواعد هذه الدول داخل أفغانستان، يقومون بهذا العمل، وهذه الدبلوماسية ستحمل نتيجة أخرى. لذلك، يبدو أن مفاوضات مختلف المسئولين الأمريكيين مع طالبان أو السياسيين الأفغان يمكن تحليلها في مثل هذه الأطر.

يبدو من الصعب فهم أي من ان هذه السيناريوهات أقرب إلى الواقع، وسيتضح في المستقبل ما سيكون انعكاسا للمحادثات بين مسئولي طالبان والسياسيين الأفغان مع الإدارة الأمريكية. من خلال ظهور معلومات أخرى، في المستقبل، وسيكون من الممكن معرفة أي من السيناريوهات المذكورة أعلاه هي المنشودة لدى الإدارة الأمريكية.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالمسيرات مصفى حيفا النفطي

أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق استهداف مصفى حيفا النفطي في الأراضي المحتلــــة صبــــــاح اليوم الخميس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *