أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / الإمام زين العابدين(عليه السلام) وخيارات المرحلة

الإمام زين العابدين(عليه السلام) وخيارات المرحلة

من الطبيعي أن تشكل واقعة بحجم واقعة الطف منعطفاً في حياة أهل البيت ، وأوساط شيعتهم، لجهة تأثيراتها النفسية والفكرية والسياسية، فالجرأة على قتل الإمام الحسين وأصحابه بتلك الطريقة البشعة، وسبي نسائه وعياله، كان عدواناً صادماً في مجمله وتفاصيله، وكانت السلطة الأموية تقصد منه الردع حتى لا يفكر أحد في مواجهتها، فإذا كان الحسين بن علي سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب أهل الجنة، ليست له حصانة تحميه من بطش السلطة، فمن يأمن على نفسه بعده؟

وقد شاهد الإمام زين العابدين مشاهد المأساة بأمّ عينيه، وعاش فجائعها وأهوالها، وقد آلمه وأمضّه سكوت الأمة على هذه الجريمة النكراء، والمصاب الجلل. حيث اقتصر تفاعل جمهور الأمة بعد الحادثة على إبداء مشاعر الحزن والبكاء، وقد علق الإمام زين العابدين حينما سمع بكاء نساء أهل الكوفة بقوله: إلا إنّ هؤلاء يبكون فمن قتلنا؟.

وعندما عاد إلى المدينة المنورة مع قافلة السبايا من عيال الحسين، وخطب فيمن استقبله من جمهور المدينة، مستعرضاً لهم هول المأساة التي أصابت آل رسول الله بقوله:

“إنّ الله تعالى ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية”.

لم يجد منهم تفاعلًا يذكر غير إبداء مشاعر الحزن، ولم تذكر المصادر شيئًا عن رجالات المدينة المعروفين، إلا أنّ صوحان بن صعصعة بن صوحان قام فاعتذر إليه، فترحّم الإمام على أبيه.

زين العابدين وهو القائد من أهل البيت لهذه المرحلة الصعبة، لم يكن معروفًا لدى جماهير الأمة بمستوى معرفتها لأبيه الحسين، الشخصية الأخيرة من أصحاب الكساء، وكان زين العابدين بعد حادثة كربلاء سنة 61هـ شاباً يخطو في بداية العقد الثالث من عمره، حيث ولد سنة 38هـ، فلم تكن الأمة تعرف فضله وكفاءته بعد.

أمام هذا الواقع الذي واجهه زين العابدين، كان الأمر مفتوحاً على مختلف الاحتمالات والخيارات التي يمكن أن يأخذ بها الإمام في تصدّيه للقيادة، وتحمّل المسؤولية.

ومن يقرأ سيرة الإمام زين العابدين يجدها مفعمة بالنشاط والحركة على هذا الصعيد، بدأً من اهتمامه بالفقراء والمحتاجين، ومواظبته على الحضور في المسجد النبوي الشريف، واحتوائه لأعداد كبيرة من الموالي لتربيبتهم قبل منحهم الحرية والانعتاق، إلى تربية العلماء والفقهاء والمحدثين الذين وردت تراجم العشرات منهم في كتب التراجم وفي طليعتهم ولده الإمام الباقر الذي دشّن عهدًا زاهرًا للمعرفة والعلم، والشهيد زيد الذي حمل راية الثورة والجهاد.

والبعد الآخر اهتمامه بإعادة تشكيل الوعي في الأمة بالتركيز على الجانب الحقوقي، لتكون العلاقة بين مختلف الأطراف في المجتمع قائمة على أساس من الحقوق المتبادلة، كما ترسم ذلك رسالته الخالدة المعروفة بـ “رسالة الحقوق”.

ولأنّ السلطة بسياستها أشاعت ورسّخت روح الأنانية والمصلحة المتطرفة، وأبعدت الناس عن القيم الروحية والمبادئ السامية، فقد اشتغل الإمام على إيقاظ الضمير والوجدان، وإحياء النزعات القيمية الروحية، عبر أسلوب الدعاء، وإنتاج مجموعة كبيرة من الأدعية لمختلف المناسبات، تحمل المضامين الفكرية والعقدية، وتذكر بالمبادئ والقيم، وتوجّه إلى مكارم الأخلاق وخصال الخير، وقد جمع القسم الأكبر منها فيما يعرف بـ “الصحيفة السجادية”. إلى جانب سائر عطاءات الإمام في التوجيه الديني والأخلاقي.

عن yahya

شاهد أيضاً

اليونيسف: إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية العدوان على غزة

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” ، إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية الحرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *