أخبار عاجلة

قرية نوغان 

بسم الله الرحمن الرحیم

قرية نوغان :

لو كان مشهد الإمام الرضا في غير خراسان ماذا كان مصير المؤمنين في آخر الزمان؟ هذا هو سؤال ينبغي أن يتداول بيننا دائماً.

ولا أظن أن جوابه صعب عليكم، يكفي في معرفة الجواب أن تنظر نظرةً عابرة إلى المدينة المنوّرة ثمّ إلى العراق الجريح.

كنّا مع الزوار في الكاظمية ولم نزر الإمامين عليهما السلام إلا مرة أو مرّتين فإذا بالنداء يصل إلينا أن استعدّوا للرحيل إلى النجف الأشرف الرابعة فجراً!

و هل النجف آمَنُ من بغداد؟ لا أحد يعلم ماذا سيحدث.

 كيف! والبعثيون الحاقدون الملطخة أياديهم بدم العلماء والمراجع مازالوا على قيد الحياة يأكلون ويشربون!

تذكرت ما حدث على سطح (مدرسة العلوي الثانوية) حيث كان الإمام الخميني ره يلتقي بالأمّة في الأسابيع الأولى من الثورة.

كان الناس يأتون بالمجرمين من رؤساء الساواك (وهم رجال أمن الشاه  المقبور) ويسلِّمونهم للقاضي وهو المرحوم الشيخ صادق الخلخالي فيحكم عليهم وكان مصير أكثرهم الإعدام.

أمير عبّاس هويدا، وهو رئيس وزراء النظام البائد وكان بهائياً، تورّط بيد المؤمنين فحكم عليه بالإعدام، وصلت إلى الشيخ الخلخالي رساله من المهندس مهدي بازركان وهو رئيس الدولة في بداية الثورة، فوضعها في جيبه ليقرأها فيما بعد (وكان يعرف محتواها) فبادر بإعدام الرجل ثمّ قرأ الرسالة فإذا مكتوبة فيها : (سماحة آية الله الخلخالي الرجاء أن لا تعدم هذا الرجل فإنّه سيفيدنا في المستقبل!).

أمّا العراق فلم تحدث فيها هذه التصفية لجنود إبليس إلا لعدد قليل منهم، والكثير هم الذين أوجدوا الفوضى وقتّلوا الشيعة وصاروا من الدواعش المجرمين.

أقولها صراحةً الزوّار وأنا معهم خرجنا من الكاظمية هاربين من الخطر فالتجأنا بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ولكن  ياترى هل يطمئن الإنسان هناك ، لا ننسى أنّ النجف أيضاً مرّت عليها حوادث مؤلمة جداً حتّى كاد البعض أن يتعدّى على أكبر مرجعية عالمية وهو سماحة آية الله السيد السيستاني حفظه الله.

من الحكمة في مثل هذه الظروف أن يتّخذ الإنسان قراراً سريعاً لا يخسر فيه آخرته ، فرأيت من الأفضل السفر إلى أنيس النفوس في جنّة خراسان، خاصّة و أنّ الأيّام هذه تتعلّق بالنبي الأكرم و الإمام الحسن و الإمام الرضا عليهما السلام، و مراسيم العزاء هنا غير قابلة للوصف ، و حتّى هذه الساعة من الليل وهي ليلة وحدة الإمام الجواد عليه السلام، أسمع صوت الصراخ و البكاء و العزاء من كل جانب نادبين على إمامهم المظلوم غريب الغرباء عليه السلام .

و من المواقف التّي أثارت انتباهي أنّني رأيت عدداً كبيراً من النساء يحملن معهن ورود إلى حرم الإمام عليه السلام، قيل إنّهنّ من قرية قديمة اسمها (نوغان)، و هذه المراسيم لها خلفية تأريخيّة وهي :

أنّه:  قبل 1200 سنة عندما وصل خبر استشهاد الإمام الرضا عليه السلام إلى تلك القرية، طلبن من أزواجهنّ أن يشاركن في تشييع و دفن الإمام عليه السلام، فلم يقبلوا!

ولكن تمّ الإصرار عليهم فمنحن مهورهن لأزواجهن فقبلوا، فتوجهن إلى مروّ ومن ثمّ إلى طوس حيث مرقد الإمام عليه السلام حاملات معهنّ وروداً جميلة، فشاركن في دفنه فرمين الورود على جسده الطاهر في قبره ثمّ أهيل التراب عليه والقبر ملئ بالورود.

أقول: لا يوم كيومك يا أبا عبدالله ، دُفنت يا حسين و السهام في بدنك الشريف !!

إبراهيم الأنصاري

مشهد المقدس29 صفر 1440

عن حجت‌الاسلام ابراهیم الانصاری

شاهد أيضاً

نور وجه الله

و بنور وجهك! الذي أضاء له كلّ شيء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *