أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / ظل الترامبية على عام 2024 في الولايات المتحدة

ظل الترامبية على عام 2024 في الولايات المتحدة

بعد خمسة عشر تصويتا، وبعد أربعة أيام حافلة بالأحداث في الكونغرس الأمريكي، تم انتخاب كيفن مكارثي رئيسا لمجلس النواب الأمريكي. هذه الظاهرة، أي التصويت أكثر من مرة، لم تحدث في الكونجرس الأمريكي منذ حوالي 100 عام، وبعد قرن، وبسبب معارضة عدد قليل من أعضاء حزب مكارثي من الحزب الجمهوري، أصبح انتخابه حافلا بالأحداث. ان قضية انتخاب مكارثي بهذا السيناريو هي ظاهرة جديرة بالاهتمام في السياسة الداخلية الأمريكية وكذلك بسبب مكانة أمريكا في عصر التحولات المعقدة في العلاقات الدولية.

كيف يمكن تحليل هذه الظاهرة؟ إجابة على هذا السؤال، ينبغي التركيز على ثلاثة موضوعات ومفاهيم كان لها تأثير كبير على بعضها البعض؛ وهي البنية السياسية لأمريكا، والسياق الاجتماعي والسياسي لأمريكا، وشخصية السياسيين الأمريكيين وخصائصهم الفردية.

توضح التغييرات التي تتعرض إليها المفاهيم الثلاثة أن الديناميكيات والتوترات في الساحة السياسية الأمريكية قبل عامين من إقامة الانتخابات الرئاسية بارزة، لكن أطر إدارة التوتر إلى جانب دور الأفراد وموقعهم تظهر بوادر تحول سياسي. في هذا التحول، بدو ان الهياكل واضحة، والسياق الاجتماعي غير واضح وواضح في نفس الوقت، والمصير السياسي للشخصيات غامضا.

  •  البنية السياسية لأمريكا: في بنية النظام السياسي لأمريكا، وهو نظام فيدرالي، للكونغرس دور رئيس في خلق توازن القوى. يمنح دستور الولايات المتحدة، القائم على ما يسمى “المراجعة والتوازن”، الرئيس سلطة استثنائية. لكن في الوقت نفسه، يشرف الكونجرس على الطريقة التي يستخدم بها الرئيس سلطته ويوازن بين سلطة الرئيس من خلال الأدوات المتاحة له حتى لا تزيد سلطته وبهذا يتكون توازن في السلطة. هذا وإن دور رئيس مجلس النواب مهم ويعد من المناصب القليلة الواردة في دستور الولايات المتحدة.

من جهة أخرى يجب أن يؤخذ في الاعتبار أنه وفقا لآراء خبراء الشؤون الأمريكية، مقارنة بفروع السلطة الأخرى، يعتبر الكونجرس نسبيا الفرع الشعبي للسلطة. يتألف الكونجرس نفسه من مجلسين ويتسم مجلس النواب بطابع شعبي. في البرلمان الحالي، وهو البرلمان رقم 118، يتكون من 70.9٪ من البيض، و12٪ من السود، و10.6٪ من اللاتينيين، و4.1٪ من آسيويين، و9٪ من أصول شرق أوسطية وأكثر من 4٪ من السكان الأصليين، أي، الهنود الحمر. يعتبر الكونجرس الأمريكي، إلى حد ما، مرآة للبنية الاجتماعية الأمريكية، أكثر من الأجزاء الأخرى. ما يجب الاهتمام به هو استقرار الهياكل المحددة في الدستور على مدى القرنين الماضيين.

يتولى رئيس مجلس النواب، الذي يشار إليه بالمتحدث باسم مجلس النواب الأمريكي، عدة وظائف رئيسية. من أهمها تنظيم جدول الأعمال وتحديد الأولويات في طرح القوانين، ولعل دورها الأبرز هو تعيين ممثلين للجان المختلفة والتفاوض لخلق التوازن داخل المجلس وخارجه، خاصة مع السلطة التنفيذية. وعادة ما يتخذ الحزب الذي يتمتع بالأغلبية في مجلس النواب هذا الموقع المهم بناء على تصويته والأغلبية النسبية. بعد انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، خسر غالبية هذا البرلمان أمام الجمهوريين، وبالتالي كان على الجمهوريين اختيار رئيس مجلس النواب من بينهم، وفي تنافس محموم تم انتخاب مكارثي. لكن يجب البحث عن سبب هذا التنافس الحميم في السياق الاجتماعي والسياسي لأمريكا وليس فقط في التصويت الخامس عشر.

  • السياق الاجتماعي والسياسي: على الرغم من أن الولايات المتحدة، منذ إنشائها كحكومة، ارتبطت بتوجهين سياسيين وفي الحقيقة بفكرتين سياسيتين، تؤمن إحداهما بالدور الضئيل للغاية للحكومة والأخرى ارتبطت بدور أقوى للحكومة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه الازدواجية أصبحت أكثر وضوحا في العقود الأخيرة، إلى جانب مختلف التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إذ أصبحت الفوارق بين مناصري الحزبين الجمهوري وأنصار الدور الأقل للحكومة والديمقراطيين المناصرين لمنح الحكومة الدور الأكبر، أكثر بروزا.

تعد التغييرات التي طرأت على التكوين التقليدي للبنية الديموغرافية الأمريكية أمرا مهما في هذا السياق. فإلى جانب هذه الفلسفة السياسية والاجتماعية المزدوجة، والحزبية في نهاية المطاف، ظهرت أطياف راديكالية داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ما حدث في الخمس عشرة مرة من التصويت لانتخاب رئيس مجلس النواب، يعود في الواقع إلى مجموعة من الممثلين المنتخبين الذين لعبوا دورا رئيسا في ظهور ما يسمى بحركة الشاي Tea Party في عامي 2005 و2006؛ حركة مناهضة للحكومة والحكومة الكبيرة، ومناهضة للضرائب، وسياسة الهجرة غير المسموح بها والعودة إلى القيم المسيحية. ان هذا التيار وهو تيار شعبوي في الواقع، انتهى في مسار تطوره إلى ظهور الترامبية، وأخيرا أدى إلى الهجوم على الكونغرس الأمريكي بعام 2021 من خلال النظرة التشاؤمية للنخبة الحاكمة التي يطلق عليها الليبراليين وهذا ما يؤدي إلى مناقشة دور الشخصيات في هذه العملية.

  • الشخصية والخصائص الشخصية: حاول مكارثي، الذي انتخب أخيرا رئيسا لمجلس النواب، أن ينسجم مع مختلف فصائل الحزب، وخاصة المتطرفين، ومنحهم تنازلات للتصويت لصالحه. على الرغم من أنه يقف إلى حد ما في منتصف الطيف بين الجمهوريين، إلا أنه مساوم.

بالطبع، فان المساومة هي كلمة شائعة وعمل مقبول في الثقافة السياسية الأمريكية. كان قريبا من ترامب خلال رئاسته. وفي قضية الوثائق التي خلقت أزمة سياسية وقانونية لترامب، فقد زاره في فلوريدا، والأكثر إثارة للاهتمام، في الحل النهائي لقضية رئاسته لمجلس النواب، كان ترامب هو من التقى بالممثلين المعارضين لمكارثي وأقنعهم بعدم معارضته.

مكارثي سيكون رئيسا ضعيفا لمجلس النواب الأمريكي. لا توجد أغلبية ساحقة مع الجمهوريين في مجلس النواب ووصل إلى الرئاسة بصعوبة. يُظهر انتخابه الحافل بالأحداث صعوبة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، وهو أمر واضح بالفعل في الصراع بين الهيكل والسياق الاجتماعي، ولا يمكن تجاهل دور ترامب.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

طلاب جامعة نيويورك يعلنون عن دعمهم القوي لشعب فلسطين وغزة

أعلن طلاب جامعة مدينة نيويورك (CUNY) في حوار مع صحيفة طهران تايمز، عن دعمهم القوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *