صراط عشق صراط عشق
1 ـ في العشرين من سبتمبر الاربعاء الماضي اصدرت الدول الاعضاء في مجلس تعاون الخليج الفارسي خلال اجتماع حضره وزير خارجية اميركا “انتوني بلينكن” على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة، اصدرت بيانا مشتركا، يشددون فيه مرة اخرى على ادعاءات الامارات حول الجزر الايرانية الثلاث. وسبق ان قدمنا في مقال بعنوان “الحان سوقية” عشرات الوثائق الدوليةالمعتبرة تدلل على سيادة ايران على الجزر الثلاث، وقلنا حينها؛ “اضافة الى الخرائط الرسمية المعدة من قبل دول مثل؛ بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والبرتغال، واسبانيا، و… ـ وفيها اسماء الجزر الثلاث؛ جزيرة تنب الكبرى، وتنب الصغرة وابوموسى ـ وهي من ضمن الاراضي الايرانية.
كما وان الحكومة البريطانية التي تواجدت لقرنين في المنطقة وفي حالات كانت تنازع الحكومات المتتالية على ادارة ايران، لها 23 خارطة رسمية عن المنطقة، في جميعها ـ دون استثناء ـ تعتبر الجزر الثلاث تعود لايران”.
2 ـ وحسب القوانين الدولية وما يتعلق بالحدود والاراضي، فان سيادة دولة على منطقة يمكن البرهنة عليه من عدة طرق. ومنها “الملكية التاريخية”، والسيادة المؤثرة اي رفع العلم، ونصب الحكام، وتواجد القوات المسلحة و…
وكل هذه الملاكات والمعايير القانونية تدل على السيادة المؤكدة لايران على الجزر الثلاث.
فعلى سبيل المثال في عام 1908 فوضت الحكومة الايرانية حينها صلاحية استخراج حجر الحديد في جزيرة ابو موسى الى شركة “ونغهاوس” الالمانية.
فاعترضت الحكومة البريطانية على ذلك بسبب تشنج علاقتها مع الحكومة الالمانية، وحاولت الادارة البريطانية ان تنفرد الشركات البريطانية في استخراج حجر الحديد. وهذا يعني التاكيد على السيادة الايرانية… وحتى جاء في التاريخ القديم، انه بتاريخ 500 عام قبل الميلاد، كانت المنطقة الجنوبية للخليج الفارسي (اي جميع الدول السبع والتي تشكل اليوم دول مجلس التعاون للخليج الفارسي) جزءا من ارض ايران وتحت سلطة الملوك الهخامنشييين.
فكان الهخامنشيون قد علموا السكنة المحليين كيفية الاستفادة من الاراضي الزراعية وطريقة السقي، وهكذا عشرات الوثائق التاريخية الاخرى، يطول الحديث في تفصيلها.
3 ـ ان دول مجلس تعاون الخليج الفارسي تتألف من؛ البحرين، والكويت، والعراق، وعمان، والقطر، والسعودية، والامارات.
فمن بين هذه الدول باستثناء عمان التي لها ادارة سلطانية من القرن السابع عشر الميلادي، والسعودية [رغم ان حكومتها قد تشكلت عام 1932] التي يمكن القول ان لها سيادة لمئات السنوات، فان عمر سائر الدول اقل من مائة عام. لاسيما وان البحرين خلال التاريخ القديم والمعاصر كانت جزءاً من الاراضي الايرانية، اذ انفصلت عن ايران قبل خمسين عاما خلال صفقة بين الشاه المطرود والحكومات الاميركية والبريطانية، واليوم تتمثل اهم مطالب شعب البحرين عودة هذه المحافظة المنفصلة عن بلدنا الى البلد الأُم، اي ايران الاسلامية. اذ ان محمد رضا شاه كما كان والده معروف بخيانته للوطن، حينها وافق على فصل البحرين عن ايران طاعة لبريطانيا.
وحسب نصيحة بريطانيا ان يتم اقتراح الاستفتاء على فصل البحرين بين ابناء الشعب! ولكن هذا الاستفتاء لم يحصل بين ابناء البحرين، وانما بدل الشعب البحريني صوتت بعض القبائل العربية من غير البحرينيين على فصل البحرين عن ايران! ومن بين هذه القبائل، قبيلة معروفة باسم “آل خليفة” اي الحكام العملاء الحاليين في البحرين والتي كانت تمتهن قطع الطرق في قفار نجد! ولليوم يطالب شعب البحرين الذي لم يتخل عن لغته الفارسية ابدا، يطالب بضم البحرين الى ارضها الأم، اي ايران.
وهذا الامر اشتد بعد انتصار الثورة الاسلامية… وبالطبع لا يمكن التغاضي عن هذا الحق المبين لايران واهالي المحافظة المنفصلة البحرين.
4 ـ وبخصوص حقيقة الامارات، والتي تدعي انها دولة، فاضافة للوثائق المذكورة، نشير الى وثيقة تاريخية اخرى لاثارة المطلب، وهي انه الى منتصف القرن التاسع عشر كانت المنطقة في جنوب الخليج الفارسي والتي تشكل اليوم دولة قطر والى سواحل عمان (اي دولة الامارات حاليا)، تعرف بـ”ساحل القراصنة، اذ في عام 1820 تم التوصل الى اتفاق للسلام بينهم وبين قوات الهند البريطانية (شركة الهند الشرقية)، ومنذ ذلك التاريخ تغير اسم المنطقة، والتي تعرف اليوم بالامارات بـ”ساحل المتصالحة”!
5 ـ الا ان الوثيقة الاساسية ـ الوحيدة ـ والتي تقدمها الامارات لاثبات ادعائها هي رسالة بعثها الشيخ يوسف حاكم ميناء “لنكه” عام 1882 الى الشيخ يوسف حميد القاسمي حاكم رأس الخيمة، يكتب فيها على سبيل المجاملات الاخلاقية والاعراب عن اصول الادب ـ وهو ما كان متعارفا حينها ولها ما يشبهها في الكثير من الرسائل ـ. وجاء فيها؛ “ابو موسى لكم”! كما هو معروف في اصول الادب عندما يقال للضيف “البيت بيتكم”! والامر الملفت ان الشيخ يوسف في رسالته نفسها التي يخاطب فيها حاكم رأس الخيمة “بلدُ لِنجه بلدُكم” اي ان مدينة ميناء لنكه هي مدينتكم، والغريب ان الاماراتيين حين يعتمدون هذه الرسالة، يشطبون العبارة الاخيرة التي تبرهن بوضوح ان الجملة التي سبقتها كانت للمجاملة الادبية! وإلا كان عليهم ان يطالبوا كذلك بسيادتهم على ميناء لنكه؟!
6 ـ وبالتالي ودون اي شك يمكن القول ان الامارات والدول الاعضاء في مجلس تعاون الخليج الفارسي، وضمن علمهم بوضوح ان لا اعتبار لادعائهم، يعلمون جيدا، ان مناطق وسيعة من الاراضي التي يتسيدون عليها حاليا، لاسيما؛ البحرين والمشايخ السبع التي تشكل الامارات، اي؛ ابوظبي، وعجمان، ودبي، والفجيرة، وراس الخيمة، والشارجة، وام القيون ومنذ حكومة الهخامنشيين والى فترة حكومة الساسانيين هي جزء من الاراضي الايرانية. من هنا يثار السؤال الآتي؛ ان هذا الادعاء الفاقد للاسس، ما مصدره؟! فبالنظر للشواهد المتوافرة، تكون الاجابة منحصرة في محورين منفصلين مع ما لهما من علاقة.
الاول؛ الحقد والعداء الدفين للقوى المستكبرة على الثورة الاسلامية والتي بالرغم من سعيها المستمر لمواجهة ايران الاسلامية، ليست لم تتمكن، حسب مقولة لسماحة الامام رضوان الله تعلى عليه ـ من ارتكاب اي حماقة، وحسب بل ان ايران خلال فترة 45 عاما تتعاظم قدرتها فيما يهيمن السقوط والافول على النظام الاستبدادي.
ان هذه الحقيقة غير القابلة للتشكيك، ومقارنة مع تلك الايام وهذه الايام للجانبين المتنازعين ولا يمكن انكارها. وان الاقرار الصريح للمسؤولين واصحاب الرأي على طرفي المعادلة غير المتوازنة، تصنف في هذا السياق.
الثاني، لابد من حصوله في تقييم انتشار ثقافة الثورة الاسلامية. مع بيان ان الثورة الاسلامية قد استتبعت صحوة الشعوب المسلمة، وان شعب الامارات المسلم غير مستثنى من هذه القاعدة.
فعلى اساس آخر احصاء لعام 2020 فان عديد سكان المشايخ السبع للامارات يبلغ 9/9 مليون نسمة، من بين هؤلاء يشكل السكان المحليون 1/4 مليون شخص فيما المتبقي وهو 8/ 5 مليون شخص من المهاجرين من قوميات مختلفة.
ان السكان المحليين في الامارات وخلال السنوات الاخيرة، صعدوا من اعتراضهم على تواجد الغرباء لاسيما الاميركان والاوروبيين والصهاينة في الامارات، ونهب الثروات الوفيرة لهذه الامارة. ومما صعد من الاعتراض هو مماهاة مسؤولي الامارات مع اعداء الاسلام المعروفين. كما وان دخول الامارات في حرب اليمن، والجرائم العديدة التي يرتكبها التحالف السعودي والذي تشكل الامارات جزءا منها، ضد الشعب اليمني المظلوم، وما زال الجيش الاماراتي يرتكب هذه الجرائم. كما وان العلاقات الحميمة للامارات مع الكيان الصهيوني هي مقدمات اخرى لاثارة سخط الشعب الاماراتي لاسيما سكانه المحلييين، على الحكام العملاء لهذه الامارة. وضمن هذا التقييم فان السكان المحليين للامارات يخطون سيرهم اثر خطى الجمهورية الاسلامية الايرانية كرائدة في تحركهم و…
وبالنظر لهذه الاسباب لا تكون خطط الدول الاعضاء في مجلس تعاون الخليج الفارسي ضد ايران الاسلامية الا ضرباً في الهواء وطرقاً في اوعية جوفاء!
