أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / المقاربة اليابانية الأمنية ​​في النظام العالمي الجديد

المقاربة اليابانية الأمنية ​​في النظام العالمي الجديد

التقى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بالرئيس الأمريكي بايدن في البيت الأبيض في 14 يناير 2023 في ختام زيارة متعددة المستويات وأمنية بشكل رئيس إلى أوروبا وكندا والولايات المتحدة. وبعد هذا الاجتماع، صدر بيان رسمي من الجانبين. في هذا البيان، تم التأكيد على المخاوف الأمنية للبلدين، مع التركيز بشكل أساسي على الصين وكوريا الشمالية وروسيا، كما تم توضيح التعاون الثنائي المشترك إلى حد ما. تأتي هذه الزيارة والبيان المشترك في أعقاب التغييرات الملحوظة التي حدثت في موقف اليابان ومقاربتها وأسلوبها الأمني ​​في الفترة الأخيرة. ما يظهر في مستوى أعلى من هذا البيان، هو انعكاس نظام الأمن الدولي الذي يتم تشكيله في العالم.

كيف يمكن تحليل هذه التطورات والعلاقة بين اليابان والأمن الدولي؟ تعد مناقشة هذه المسألة مهمة بسبب مكانة اليابان في النظام الدولي ومن حيث الإجراءات التي تتبعها الولايات المتحدة في إعادة بناء نظام الأمن الدولي، وعلى هذا فهي تعتبر جديرة بالاهتمام. ردا على السؤال أعلاه، يجب دراسة المقاربة الأمنية ​​اليابانية أولا بعد ذلك، ينبغي النظر في أسلوب الولايات المتحدة في التعاون الأمني ​​مع اليابان وشرق آسيا. من خلال هذه المناقشات، يتضح أن احتواء الصين يشكل الأجندة الرئيسية للولايات المتحدة في إجراءاتها وردود الفعل الأمنية في شرق آسيا إلى جانب الهندسة الأمنية الحديثة.

فيما يتعلق بالمقاربة الأمنية ​​اليابانية، ينبغي القول إنه كان هناك نقاش جاد بين النخب السياسية حول الهوية الأمنية لليابان في هذا البلد منذ سنوات عديدة. إذ كانت اليابان في هذه المناقشات وكيفية القدرات العسكرية، القضية الرئيسية. بعبارة اجل أن اليابان، بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، أصبحت صاحبة دستور مفروض، وأن الولايات المتحدة شكلت دستور هذه الدولة على أساس محدودية القوة العسكرية لطوكيو. لقد مرت أكثر من سبعة عقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي هذا المقطع تغير العالم واليابان. كانت احدى التحولات هو تغيير المقاربة اليابانية تجاه القدرة الدفاعية ونوع العلاقة الأمنية والعسكرية بالولايات المتحدة، والتي كانت بمثابة الدعامة الأساسية لبناء الأمن الخارجي لليابان.

يتابع الحزب الليبرالي الحاكم، الذي ظل في السلطة منذ أكثر من 70 عاما، مناقشة زيادة القوة العسكرية لهذا البلد منذ سنوات، ولكن في ديسمبر الماضي نشرت اليابان وثيقة الإستراتيجية الأمنية الوطنية الجديدة. نُشرت وثيقة إستراتيجية الأمن القومي اليابانية السابقة قبل عقد من الزمن، في عام 2013. حدثت فوارق كبيرة في هذه الفترة في المقاربة الأمنية ​​اليابانية.

إن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي اليابانية الجديدة، منظمة للغاية، وتحليلية، وذات أطر توضيحية. بالطبع، إلى جانب هذه الوثيقة، نشرت الحكومة اليابانية وثيقتين دفاعيتين أخريين. يمكن تلخيص القاسم المشترك لهذه الوثائق في مفهومين: أولا، خوف اليابان وقلقها من انعدام الأمن الإقليمي والدولي، ولا سيما التركيز على أنشطة الصين وكوريا الشمالية حول اليابان والاحتلال العسكري لأوكرانيا على يد روسيا على المستوى العالمي، وثانيا، زيادة الميزانية العسكرية لليابان: من 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2٪، وهو ما يعني مضاعفة الميزانية العسكرية بلغة الأرقام. ومن المثير للاهتمام أنه بمجرد نشر هذه الوثائق، أيدت الحكومة الأمريكية قرار اليابان بزيادة الميزانية العسكرية في بيان مستقل في ديسمبر الماضي، وخلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الياباني، قامت واشنطن مرة أخرى بتقييم قرار طوكيو بشكل إيجابي. وما يلفت الانتباه في الوقت الحالي هو تأييد طوكيو للسياسة الأمنية الأمريكية.

خلال فترة حكم بايدن، اتبعت الحكومة الأمريكية، في الوقت الذي سلطت فيه الضوء على تهديد الصين، سلسلة من الآليات الأمنية في تصميمها العالمي. ان تعزيز التحالفات العسكرية الثنائية مع حلفاء أمريكا وتشجيعهم على زيادة الإنفاق الدفاعي هو أحد تلك الآليات. ان الأساس الآخر للتصميم الأمني ​​الأمريكي هو تنظيم اتفاقيات صغيرة متعددة الأطراف، وهو ما يسمى بتعددية الأطراف. ان أكوس، وهي معاهدة تتكون من أستراليا وإنجلترا والولايات المتحدة، تعد معاهدة أخرى صغيرة متعددة الأطراف ذات طبيعة إستراتيجية عالية، ويعتقد أن هذه المعاهدة هي حلقة الوصل بين الناتو في أوروبا الغربية ومنطقة المحيط الهادئ والمحيط الهندي.

ركزت الولايات المتحدة واليابان على التهديدات الثلاثة الآتية من روسيا وكوريا الشمالية والصين، وهي، أولا، مختلفة، وثانيا، اليابان لديها وضع معقد في تهديدين قادمين من كوريا الشمالية والصين. في العام الماضي، 2022، اختبرت كوريا الشمالية 90 صاروخا باليستيا، الأمر الذي كان مقلقا جدا لطوكيو، خاصة بسبب قربها الجغرافي منها. فيما يتعلق بالصين، فإن قضية عسكرة الأجواء حول تايوان مهمة بالنسبة لليابان، على الرغم من أن طوكيو لديها علاقة اقتصادية وثيقة مع بكين.

يعد احتواء الصين أمرا محوريا في التصميم الأمني ​​الدولي الجديد للولايات المتحدة، والذي تحاول جلب حلفائها معه. إن احتواء الصين في الرؤية الإستراتيجية لواشنطن متعدد الطبقات ومتعدد القواعد. أحد أسسها هو بلا شك عسكري، لكن الاحتواء العسكري للصين يتضمن هدفا يتجاوز مجرد القضايا العسكرية. ان سياسة واشنطن لاحتواء الصين هي وقف نموها الاقتصادي. سواء نجحت أمريكا في هذه الخطة أم لا، فهذه قضية بحاجة إلى نقاش، ولكن من التغيير في المقاربة الأمنية ​​لليابان، إلى جانب العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة واليابان، والتفاهم والتطورات المتعلقة بأوكرانيا وروسيا، يمكن الخروج بنتيجة بان العالم أصبح اليوم يتسم بطابع العسكرة أكثر مما كان عليه في الماضي.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

ماجرى بعد السابع من أكتوبر حرٌك الضمير والصحوة الإنسانية العالمية

أكد الوزير اللبناني السابق، الدكتور ” عدنان منصور” أن السابع من أكتوبر محطة تاريخية فاصلة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *