أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / الخميني معلما

الخميني معلما

محمد وناس

لا نستطيع تجزأة الثورة الاسلامية في ايران عن الحالة الثورية العامة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وأن تأخرت عقدا من الزمن فالواقع يقول ان الثورة الاسلامية بداياتها قبل ذالك بكثير وكان من المفروض ان تكون السنة التي نفي فيها السيد الامام خارج ايران هي السنة الحقيقة للثورة ( 1963 ) . ولو اتفق أنها قامت بهذا التاريخ ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه الجمهورية الاسلامية في يومنا هذا.

قد يكون تفجير ثورة امر متاح لأي شخصية ذات قوة عسكرية او نفوذ سياسي او حضور اجتماعي او فكري عالي، كما هو الحال في كل الثورات التي قامت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي بدءاً من ثورة الضباط الاحرار في مصر 1952 او الثورة الجزائرية في 1962 او الثورة الكوبية 1963 فيكون فكر الثورة محصور بقادة الثورة ويتبعهم الجياع والمستضعفون لرغبتهم بالخلاص من الظلم وأمل جديد بنظام حكم افضل يوفر حياة سعيدة . وهذا ابسط تعريف لمفهوم تفجير ثورة

السيد الامام اعتمد منهجاً مختلفاً عن كل هذه الثورات، لو تجاوزنا موضوع درجته العلمية ومكانته الدينية ( آية الله ) وتعاملنا مع شخصية السيد الامام كقائد ثورة نجد ان هذا الرجل صنع الثورة على مدى خمسة عشر عاماً منذ يوم خروجه من ايران حتى فجرها يوم عودته الى ايران، وهذا المفهوم هو صناعة ثورة، فصناعة ثورة شيء وتفجيرها شيء آخر .

في خلال هذه الفترة استطاع السيد الامام ان يهيئ كل مستلزمات الثورة والمتمثلة في ..

أولا _ ان يصنع قاعدة جماهيرية مؤمنة ومدركة ومستوعبة لفكر الثورة مستخدما ثورة الكاسيت وما كان يقدمه من محاضرات ودروس مسجلة على اشرطة توزع لقواعد الثورة وانصارها ومتبعي فكر السيد الامام الخميني رحمه الله وما تحمله هذه الاشرطة من بناء فكري وعقائدي وشرح لمتطلبات الثوره الاسلامية فكانت خطوة جبارة في صناعة الثورة وقواعدها . وتجلى هذا الامر بشكل واضح في جموع المتظاهرين وتصديهم لدبابات الشاه ابان الثورة، ثم تصويت هذه القاعدة بنسبة تفوق 87 % للنظام الجمهوري الاسلامي بعد الثورة .ووقوفهم بشموخ في الحرب المفروضة على الجمهورية طوال ثمان سنوات وتقديمهم الشهداء والتضحيات من اجل استمرار نهج الثورة.

ثانيا _ استطاع السيد الامام صناعة قيادة فكرية لهذه الثورة، وهذه القيادة قادرة على تحريك الجماهير قبل الثورة، وإيجاد حلول عقائدية وواقعية لكل المشاكل والعقبات التي واجهها النظام الاسلامي بعد قيام الثورة، متمثلة في شخصيات لها اثر كبير في مسير الثورة من تلاميذه والمقربين له، امثال السيد بهشتي، الشيخ مطهري، الشيخ هاشمي رفسنجاني، سماحة السيد القائد الخامنئي و شخصيات فكرية اخرى .

ثالثا _ استطاع السيد الامام صناعة قيادات ميدانية من الشباب المؤمن في بداية الثورة ما زال الاحياء منهم لغاية الان يثبتون وجودهم وقدرتهم في ادارة كل مرافق النظام الاسلامي الموجود حاليا، من امثال الشهيد همت، الشهيد شمران، الحاج محسن رضائي، الحاج علي شمخاني، الدكتور سعيد جليلي، والشهيد الحي القائد قاسم سليماني وعشرات الاسماء الاخرى العاملة في الساحة اليوم .

كل ثورة بعد انطلاقها وتسلمها لبناء دولة تحتاج لفترة من اعادة ترتيب اوراق وبناء هيكل وصورة نظام الحكم الذي قامت لأجله الثورة و هذه الفترة دائما ما تكون هشة ورخوة قد تسبب فشل او انحراف الثورة اذا تضاربت افكار القائمين عليها او عدم استيعاب القاعدة الجماهيرية للفكر الذي قامت عليه الثورة، او لتقاطع افكار قادتها فيما بينهم او لعامل خارجي يريد افشال هذه الثورة ( حرب او مؤامرة ).

ما حصل بعد الثورة الاسلامية ان كل الافتراضات اعلاه حصلت في آن واحد بعد قيام الثورة مباشرة واستطاعت هذه الثورة ان تعبر مرحلة ثمان سنوات الاولى من حياتها بنجاح منقطع النظير مع ( حرب عشواء مع نظام دموي مثل نظام صدام )والحصار الاقتصادي العالمي والمؤامرات الدولية، ومحاولة بعض الذين التصقوا بالثورة لحرفها عن خطها الاصلي امثال ( بني صدر، مهدي هاشمي ,,,وو ) لكن قدرة الامام في صناعة القواعد الجماهيرية والفكرية والميدانية وقدرته ايضا على ايصال فكر الثورة بما يتناسب مع متطلبات الشعب والوطن ولا يتقاطع مع المبادئ الاسلامية والأعراف الاجتماعية، مع شخصية السيد الامام النابضة بالحيوية والشباب مع ان عمره تجاوز الثمانين سنة، وتواضعه العالي وقراءته لهموم البسطاء والمستضعفين جعل منه مربياً حقيقياً لجيل يطلق عليه اليوم جيل الثورة الممتد من يوم نفيه من ايران الى الان، ولا زال يقدم التضحيات في سبيل نصرة الثورة وإعلاء شانها واستمرار نجاحها المنقطع النظير الى اليوم، و حينما ننظر الى الشهداء الذين سقطوا في الدفاع عن السيدة زينب مثل(محسن حججي ) او الذين سقطوا في الدفاع عن مرقد العسكريين مثل ( هادي ذو الفقاري ) وهم من الشباب الذين ولدوا بعد الثورة بعقد من السنين، ما زالت شعاراتهم هي تلك الشعارات التي رفعت اول ايام الثورة وروحيتهم وإيمانهم بالثورة هو نفسه ايمان من سقطوا اول ايام الثورة وما زال تأثير شخصية وفكره الامام فيهم، نفس تأثيره في باقري وصمد وعلم الهدى وحسين خرازي.

الخميني لم يكن قائد لثورة فقط او رجل دين أوحى بفكرة، بل كان المعلم الذي يحمل هموم شعب ووطن بروح أب، إستطاع بناء فكر يستمر لأجيال بنفس الروحية وبقدرة مضاعفة …

عن خاکسار

شاهد أيضاً

اليونيسف: إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية العدوان على غزة

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” ، إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية الحرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *