أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / هل بإمكان الدول الصغيرة تحدي النظام العالمي الأمريكي بآليات حديثة؟

هل بإمكان الدول الصغيرة تحدي النظام العالمي الأمريكي بآليات حديثة؟

لقد تعرضت بنية التحالفات الدولية إلى عدة تغييرات، إذ أصبحت “التحالفات الإقليمية الصغيرة” تشكل تحديا كبيرا للولايات المتحدة. عززت بعض الدول مثل تركيا والصين وروسيا تحركها نحو بناء التحالفات الصغيرة. فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، تعززت الأحادية في مناطق مختلفة من العالم، وعمقت واشنطن تدريجيا تدخلها في جميع انحاء العالم. وبلغت هذه السياسة ذروتها في عهد الرئيس السابق ترامب، لكن من جهة أخرى رفضت دول العالم تلك التوجهات التي يتبناها البيت الأبيض. فمنذ حوالي عقد من الزمان، بدأت عدد من الدول التي توقعت ظهور هذا الوضع في تشكيل تحالفات صغيرة.

في يومنا هذا وفي كل منطقة جغرافية وبشكل أو بآخر، شكلت مجموعة من البلدان تحالفات سياسية واقتصادية صغيرة بغية تحقيق أهدافها قدر الإمكان من خلال تنسيق إقليمي أكبر. وعليه، فإن إحدى السمات البارزة في كثير من المجالات هي تقلص أبعاد التحالفات، وهو ما يسمى بـ ” تعددية الأطراف”. في هذا الإطار، تجتمع المجموعات الدولية الأصغر معا لتحقيق أهداف إستراتيجية محدودة ولكنها مهمة؛ يقف هذا الإجراء ضد تحالفات أكبر أو أقدم أو أكثر رسمية أو مؤسسات ثنائية أو متعددة الأطراف. ان السبب الرئيس لتكوين هذه الاتجاهات هو المقاومة التي تبديها “الحكومات المثيرة للتحديات” على الساحة الدولية، مثل الصين وإيران وروسيا وتركيا. ففي السابق، لم يكن السلوك الاستراتيجي لهذه البلدان محط اهتمام من التحالفات أو الهياكل الأمنية، لكن اليوم ونتيجة الوضع العالمي قد زاد التحدي الاستراتيجي لهذه البلدان.

يبدو ان الولايات المتحدة بعد رئاسة بايدن قامت بمساعي لإعادة هيكلة البنية العالمية وتعزيز الأطر الأمنية المتبقية بعد الحرب الكونية الثانية، فهذه البنى التي ساعدت واشنطن في تحقيق الانتصار في الحرب الباردة، يبدو بان اليوم عليها ان تستعد للدخول في مواجهة جديدة في إطار التنافس أو الصراع مع قوى عظمى ناشئة، ففي الفترات الأخيرة استطاعت الصين بان تقوم بتضعيف التحالفات الرسمية، إذ دخلت في مشاريع إستراتيجية بالمشاركة مع الدول الأخرى، وتقوم بالتعاون مع دول أخرى.

تسعى بكين في يومنا هذا إلى إنشاء “مجتمع المصير المشترك” كبديل للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، وبهذا تقوم بحماية مصالحها. في الوقت نفسه، لا يمكن لروسيا أن تقدم بديلا مقبولا للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن لديها القدرة على لعب دور تخريبي لمواجهة النظام الأمريكي وإحباط الطموحات الغربية. بالإضافة إلى هذا فان الشراكة الناشئة التي تمر بمرحلة التكوين بين بكين وموسكو يمكن أن تتحول إلى علاقة مهمة تحمل في طياتها آثار إستراتيجية مهمة.

في العقود التي تلت الحرب الكونية الثانية كونت دول الشرق الأوسط تحالفات ضعيفة وقليلة مع بعضها البعض، وكانت القوى الإقليمية تعتمد على الدعم الأمني لحلفائها، فإنها لم تتعامل مثل دول أوروبا الغربية، كما ان طموحات القوى العظمى إلى جانب خوف الدول الضعيفة، حالت دون بدء التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط، وحتى مساعي مجلس التعاون الخليجي الواقعية لم تتمكن من تحقيق نتائج أمنية مرضية، وبشكل عام ليس هناك دولة في الشرق الأوسط تمكنت من التأثير على جيرانها بشكل كبير، إذ ان إمكانية تأثير دولة في المنطقة على كل الدول، يتجاوز حدود مقدرة دول الشرق الأوسط.

ان التدخل الكبير لواشنطن في الشرق الأوسط أخفى غياب النظم الأمني المؤثر في المنطقة لعدة عقود، وقد تجلى هذا الأمر في الدفاع عن السعودية وتحرير الكويت، ثم سياسة احتواء إيران والعراق، لكن منذ عام 2011 إلى يومنا هذا فان الوضع شهد تغييرات كبيرة، ولا يرى حلفاء أمريكا في المنطقة بأنها تقوم بالدفاع عنها وعن مصالحها كما ينبغي، وقد تجلى هذا في إخفاقها في العراق، بشكل خاص.

أدت التطورات التي شهدتها الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي إلى تكوين تحالفات وشراكات كانت تبدو بعيدة المنال حتى السنوات القليلة الماضية. أدى تصاعد التوترات الإقليمية والتقليص الملحوظ للوجود الأمريكي وغياب الأطر الأمنية الملائمة إلى وضع فكرة بناء شراكات خاصة على أجندة الدول العربية، حتى مع الحكومات المتنافسة مثل إيران وتركيا. ففي غياب قوة أجنبية عظمى أو منظمة محلية متعددة الأطراف ذات مصداقية، أصبحت التجمعات الصغيرة وسيلة مفيدة للحكومات الإقليمية لمتابعة مصالحها. من خلال هذه التجمعات، تسعى الحكومات إلى زيادة نفوذها وعمقها وقدرتها على بسط القوة والدخول في المنافسة.

أخيرا وليس آخرا فان الفوضى الإقليمية كونت ثلاثة محاور قوية لكنها متميزة عن البعض تجاه قضايا العالم، وهي التي تدور القضايا الجيوسياسية في الشرق الأوسط على رحاها، الجبهة الأولى تقودها إيران وتضم دول وحلفاء في العراق ولبنان وسوريا واليمن، والمحور الثاني يشتمل على الدول المحافظة السلطوية بقيادة السعودية والإمارات وتدعمها كل من البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب، أما الفئة الثالثة فهي الدول الإسلاموية الشعبوية بقيادة تركيا وقطر التي تحظى بدعم الأحزاب الإسلاموية في المنطقة، إذ اعتلى بعض منها السلطة في مصر وليبيا وتونس لفترة وجيزة، فضلا عن هذا فان تلك المحاور الثلاثة تبحث عن الحصول على الدعم الأجنبي وذلك من خلال تبني الواقعية، فإيران تتعاون مع روسيا، والإمارات كونت علاقات خاصة بكل من روسيا والهند وقامت بتطبيع علاقاتها بإسرائيل، إضافة إلى هذا فان مصر أقامت علاقات قوية مع دول أوروبية مثل فرنسا.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالمسيرات مصفى حيفا النفطي

أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق استهداف مصفى حيفا النفطي في الأراضي المحتلــــة صبــــــاح اليوم الخميس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *