أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / “نهج البلاغة والإمام علي(ع)”… السلطة لم تکون أولوية في حياة الإمام

“نهج البلاغة والإمام علي(ع)”… السلطة لم تکون أولوية في حياة الإمام

قال الأستاذ المساعد في قسم الالهيات بجامعة مفيد في مدينة قم، ان نهج البلاغة لغة الفطرة والإنسانية مصرحا ان التطورات والأفكار الجديدة جعلتنا قادرين على اكتشاف وتقديم أبعاد جديدة للقيم الإنسانية من نهج البلاغة التي غابت عن أعين اسلافنا.

وقال عند الحديث عن مكانة السلطة في فكر الامام علي (ع) بانه طرح في السنوات الأخيرة بعض الخطباء وأهل المنابر والناشطون السياسيون وعبر الحديث عن ثنائية الولاية والعدل، أن المبدأ في الحكومة الدينية هي الإمساك بالسلطة (بحسبهم: الولاية). وبالطبع قد يكون تبريرهم هو أنه إذا كانت السلطة في أيدينا فيمكننا إقامة العدل أو تحقيق الحضارة الدينية. ولكن يبدو أن هذه ليست سيرة الامام وكلامه على الإطلاق، أي الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها بأي ثمن. بمعنى آخر، السلطة ليست أولوية في حياة الامام وكلامه، وإذا كان لها أي قيمة، فإن لها قيمة ثانوية.

اليكم نص مقابلة شفقنا مع حجة الإسلام حامد شيوا بور، وهو مدرس نهج البلاغة والأستاذ المساعد في قسم الالهيات بجامعة مفيد في مدينة قم:

س. برأيكم لماذا بعد مرور القرون وظهور وولادة أفكار وآراء جديدة لا يزال كتاب نهج البلاغة يشار إليه باعتباره مصدرا مهما للمعرفة وموضوعات العدالة الاجتماعية وممارسة الحكم العادل والموجه نحو الفضيلة؟

ج. لقد ذكرت نقطة مهمة. ومن المهم أن نعرف ما هو مبرر رجوعنا إلى التراث الديني بالنظر إلى ما حدث في القرون الأخيرة في فكر الإنسان المعاصر. وفيما يتعلق بنهج البلاغة، ينبغي القول إن هذا الكتاب يتحدث بلغة الفطرة والإنسانية والأخلاق، ومع كل التطورات والتغيرات التي غيرت أساس العصر الجديد، فإن هذه اللغة لم ولن تصبح قديمة. بل ويمكن القول إن التطورات والأفكار الجديدة جعلتنا قادرين على اكتشاف وتقديم أبعاد جديدة للقيم الإنسانية لنهج البلاغة، والتي كانت مخفية عن أعين أسلافنا.

لقد أعجبتني حقا عبارة “الحكم العادل والموجه نحو الفضيلة” في سؤالك، وسأستخدمها كمثال. في العصر الجديد، هناك ثلاث نظريات رئيسية في فلسفة الأخلاق، إحداها هي “أخلاق الفضيلة”. ومن ناحية أخلاق الفضلة فإن لحياة أمير المؤمنين عليه السلام وكلماته في نهج البلاغة، وخاصة في أخلاق الحكم، أثر يمكن أن يزعم أنه لم يكن واضحا عند من سبقونا من قبل، ولا نرى أثرا لمثل هذا القول في شرح نهج البلاغة، أو لا نكاد نراه، وطبعا لا مجال لتفصيله هنا. أردت فقط أن أذكر مثالا لكيفية إلقاء الأفكار الجديدة ضوء جديدا على تعاليم نهج البلاغة.

س. فهل يمكن أن نستنتج أساسا أن نهج البلاغة وأمثلة مثل عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر تمثل مبادئ الحكم العادل؟ وهل لك ان تشرح الميزات التي تعزز هذا الرأي.

ج. من المؤكد أن الأمر كذلك، وهو ليس ادعاء نحتاج إلى بذل جهود كبيرة لإثباته. فإذا أعطيت نهج البلاغة لأي شخص مهتم بالأخلاق والعدالة، فمن المستحيل ألا يقدر موضوعاته السامية، حتى لو كان لا يؤمن بأي دين. وعلى العموم بالنسبة لعهد الإمام عليّ (عليه السلام) إلى مالك الأشتر الذي ذكرته وبعض الأمثلة الأخرى المشابهة في رسائل ومواعظ نهج البلاغة، يبدو حديثا جدا ويعتقد المرء أن هذا النص، بالنظر إلى الآراء التي أثيرت في الفكر السياسي للإنسان الجديد، قد تم إنتاجه.

اسمحوا لي أن أقتبس مثالا. وفي نهج البلاغة، اشتهر عهد الإمام عليّ (عليه السلام) إلى مالك الأشتر، كما قلت، بأنه نص يمثل مبادئ الحكم العادل. ولكن لدينا مواضع أخرى تدل بنفس القدر على حياة الإمام وشخصيته. ومن هذه القضايا الرسالة رقم 45 الموجهة إلى عثمان بن حنيف والي الإمام في البصرة. وفي جزء من هذه الرسالة، يحمل الإمام عن نفسه بعض العبارات التي لا تقل جاذبية لنا مهما قرأناه. وقوله: وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ، وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَـخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ، وَلَعَلَّ بِالْـحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:

وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ          وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ

 أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُ الْـمُؤْمِنِينَ، وَلا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَـهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ!

س. عند الرجوع إلى سيرة الإمام علي (ع) ونهج البلاغة، ما هي المقدمات والأسس والمبادئ التي ينبغي مراعاتها للوصول إلى فهم صحيح ودقيق لموقف أمير المؤمنين (ع) فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية وطريقة الحكم؟

ج. وهذا أيضا سؤال جيد ومهم. وفقا لما تم طرحه في العصر الجديد في المعرفة التأويلية، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار قواعد ومبادئ عديدة ومتنوعة، وقد لا يمكن إعداد قائمة بهذه المبادئ وعمل شخص واحد. ولا يسعني إلا أن أشير إلى بضع نقاط من وجهة نظري.

وفي رأيي أن من أهم النقاط في استخدام سيرة الامام وكلماته في نهج البلاغة هو أن موقفنا من العلاقة بين الأخلاق والدين واضح. فإذا تمسكنا بموقف العدلية (الشيعة والمعتزلة) فيما يتعلق باستقلال الأخلاق عن الدين وملحقاته، أعتقد أنه يمكننا الحصول على فوائد أكثر بكثير من نهج البلاغة. لأنه في هذه الحالة لدينا معيار مستقل يسمى الأخلاق، والذي بموجبه لم نأخذ من الدين الخير والشر، وبهذا المعيار يمكننا قياس ما يقوله الإمام عليه السلام وما يريده بشكل أفضل بكثير، بدلا من أن يقول إن كل ما قاله هو خير وصواب، فهذا هو أساس الأشاعرة.

نقطة أخرى مهمة هي أن نرى ما هي وجهة نظر الامام حول قضية السلطة. في السنوات الأخيرة بعض الخطباء وأهل المنابر والناشطون السياسيون وعبر الحديث عن ثنائية الولاية والعدل، أن المبدأ في الحكومة الدينية هي الإمساك بالسلطة (بحسبهم: الولاية). وبالطبع قد يكون تبريرهم هو أنه إذا كانت السلطة في أيدينا فيمكننا إقامة العدل أو تحقيق الحضارة الدينية. ولكن يبدو أن هذه ليست سيرة الامام وكلامه على الإطلاق، أي الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها بأي ثمن. بمعنى آخر، السلطة ليست أولوية في حياة الامام وكلامه، وإذا كان لها أي قيمة، فإن لها قيمة ثانوية.

هذه وغيرها الكثير من المقدمات والمبادئ هي طريقنا لفهم كلمات قداسته في نهج البلاغة بشكل أفضل.

س. في رأيك ما هو أهم تأثير للإمام علي (ع) ومضمون نهج البلاغة في العصر المعاصر في كل من المجالات الشخصية أو الاجتماعية أو السياسية؟

ج. لا أستطيع أن أعطي إجابة محددة على هذا السؤال وربما أستطيع أن أقول إننا، للأسف، لم نتلق التأثير الذي نتوقعه من نهج البلاغة: لا في المجال الشخصي ولا في المجال الاجتماعي والسياسي.

أجل، من حيث الأعمال العلمية في النسخ والشروحات والوثائق والمراجع وغيرها من الأعمال العلمية التي تمت حول نهج البلاغة، فبالطبع تم إنجاز أعمال قيمة جدا. لكن خارج البيئة العلمية والحوزية والأكاديمية، ليس من السهل الادعاء بأن نهج البلاغة ترك أثرا في أخلاقنا الشخصية والاجتماعية والسياسية يمكن الإشارة إليه ونفتخر به.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

المقاومة الفلسطينية تستهدف تمركزات “جيش” الاحتلال وآلياته

على الرغم من مرور 207 أيام على بدء العدوان على قطاع غزة، المقاومة الفلسطينية تواصل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *