أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / بعد أكثر من 5 أعوام.. ماذا حققت السعودية في اليمن؟

بعد أكثر من 5 أعوام.. ماذا حققت السعودية في اليمن؟

يعقوب السفياني

المشهد اليوم في اليمن غير متوقع بتاتا قبل 5 أعوام عندما أنطلقت العملية العسكرية الواسعة التي قادتها المملكة العربية السعودية المترأسة حلفا عربيا يشمل الإمارات والسودان – إلى وقت قريب قبل إسقاط البشير – والبحرين وغيرها من الدول الحليفة للمملكة ، العملية العسكرية التي اطلق عليها اسم “عاصفة الحزم ” والتي استهلت ليلتها الاولى باكثر من 200 ضربة جوية مباشرة استهدفت معسكرات ومطارات ومخازن أسلحة تابعة للجيش الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح وحركة أنصار الله الحوثية وكان لهذه الضربات صداها الواسع وتصدرت شريط الأخبار العاجلة في معظم القنوات العربية والعالمية وتجلى المشهد بوضوح : إخماد التمدد السريع لحركة أنصار الله وحليفها المتمثل بالدولة العميقة الموالية لصالح خلال أشهر وإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى صنعاء ولكن الحصيلة اليوم مغايرة فماذا حصل ؟

بعد ايام من إعلان عاصفة الحزم بقيادة ما اسمي “تحالف إعادة الشرعية” بقيادة السعودية اشتعلت المقاومة الشرسة ضد الحركة الحوثية وحلفائها وتشكلت المقاومة الجنوبية التي ضمت وقتها الحراك الجنوبي – النواة الأم للمقاومة – وفصائل سلفية موالية لحكام المملكة وعلى غرار ما حدث جنوبا برزت حركات المقاومة الشعبية في مناطق شمالية عدة أهمها تعز والبيضاء ومأرب ، اشهر قليلة حتى تحققت أولى ملامح المشهد المتوقع فقد تم إلحاق الهزيمة بالحركة الحوثية وحلفائها جنوبا وتحررت أول محافظة في الجنوب اليمن وهي محافظة الضالع تلاها تباعا تحرير مطار عدن وعدن بأكملها ومن ثم قاعدة العند الجوية ومحافظتي لحج وأبين – لا زال الحوثيون يسيطرون على مناطق في ابين اهمها منطقة مكيراس – ومن ثم تحررت شبوة – وكأبين لا زال الحوثيون يسيطرون على أجزاء من بيحان وعسيلان وهما مديريات في شبوة – وفي فترة لم تتجاوز العام الواحد كان جنوب اليمن برقعته الجغرافية قبل وحدة 22 مايو 1990 م متحررا بشكل كامل .

بعد تحقق اولى حلقات السيناريو المتوقع في اليمن والمتمثة بتحرير جنوب اليمن توجهت الأنظار نحو شماله وتوقعت السعودية ومعها الجميع أن تجربة الجنوب ومع قليل من التحوير يمكن تحقيقها شمالا وشرعت السعودية بالحلف الذي تترأسه في تنفيذ عشرات الالاف من الضربات الجوية وعلى مدار الساعة في عمق الشمال وأمدت حلفائها شمالا بكميات هائلة من الأسلحة ولكن ما كل ما تشتهيه النفس والحسابات السعودية الخاطئة شمالا اوقعتها في مأزق فقد صمدت الحركة الحوثية شمالا ورغم شدة الحرب والحصار المفروض ضدها عام بعد عام وفشلت حلفاء السعودية التقليديين في اليمن – المتطرفين السنة وشيوخ القبائل الموالين لها عبر التأريخ – في تحقيق أي نصر يذكر ، رهان السعودية على الإختلاف المذهبي في شمال اليمن وإستحضار روح الطائفية والجهاد المذهبي المقدس فشل فشلا ذريعا في شمال اليمن والذي يتجاوز فيه عدد السنة 60 % من مجموع سكان الشمال أي ضعفي عدد الشيعة الزيدية التي تنتمي حركة أنصار الله .

هذا الصمود النادر الذي أظهره الحوثيون شمالا جعل توقعات السعودية تتبخر كالسراب ولاحت في الأفق مشاهد وسيناريوهات عديدة وتأكدت مخاوف السعودية عندما بدأت المصافي النفطية تحترق بصواريخ الحوثيين ودوت الصرخة الحوثية في أجزاء من نجران وعسير السعوديتين فاسترسلت السعودية في اتخاذ أساليب أخرى أهمها تحصين الحدود بمقاتلين محليين من أبناء جنوب ووسط اليمن يساعدها في ذلك تيار السلف الجهادي الذي يرى في حكامها ولاة امور المسلمين ، تحولت السعودية في مواقف كثيرة إلى مدافع أكثر منه مهاجما ووقفت وحليفتها الإمارات العربية المتحدة مشدوهة بالحصاد المر لاعوام من الحرب وضح الاموال أرهقت هذه الدول الغنية وضربت سمعتها في مقتل عندما أصرت على أن الحركة الحوثية ما هي إلا ذراع إيران في اليمن فارتدت هذه التهمة وبالا على المملكة وتساءل الناس هل فعلت ذراع إيرانية يمنية كما تسميها السعودية كل هذا وهزمت السعودية وحلفائها ؟! ماذا سيكون فعل إيران نفسها إذن حال نشوب حربها المرتقبة مع السعودية !

جنوبا لم تدم نشوة الإنتصار كثيرا وحدث ما توقعه الجميع منذ تكتل بقايا نظام صالح والمسماة بالحكومة الشرعية والتجميع اليمني للإصلاح مع قوى الحراك الجنوبي نواة المقاومة الجنوبية فهذا التكتل الطارئ الذي دعمته السعودية تصدع مباشرة وانقسم فسرعان ما دب الخلاف بين الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية وحكومة هادي التي يحكم التجمع اليمني للإصلاح على مفاصلها ، وما هي إلا 3 أعوام فقط حتى تم إشهار المجلس الإنتقالي الجنوبي والذي يتشكل من الحراك الجنوبي وتم تطعيمه برموز من التيار السلفي الجنوبي وبعض قيادات المؤتمر الشعبي العام وتوسع الصدع بين المجلس الإنتقالي الجنوبي والحكومة لتندلع المواجهات العسكرية الشاملة في عدن والتي انتهت بدحر هذه الحكومة إلى معقلها المتمثل بمحافظة مأرب ويستمر مشهد الحرب والقتال وتدخل الحكومة محافظة شبوة وأجزاء من أبين مجددا وتصطدم بالقوة العسكرية للإنتقالي في اكثر من معركة في حرب لا زالت فصولها الضبابية مستمرة حتى اليوم.

وبين شمال صامد ومتمسك بالحوثي تتساقط مناطقه يوما بعد يوم بيد الحركة الحوثية وجنوب يرفض الحكومة التي تدخلت السعودية تحت يافطة إعادتها في اليمن تقف السعودية على أطلال سياستها متخبطة يتجلى هذا التخبط بوضوح جنوبا فالموقف السعودي من الحرب الدائرة موقف ضبابي ومتخبط إلى اقصى الحدود فقد وقعت السعودية بين طرفين كلاهما مهم وضروري في حربها في اليمن فمن ناحية هنالك المجلس الإنتقالي الجنوبي صاحب النصر العسكري الوحيد أمام الحركة الحوثية ومن ناحية أخرى هنالك حكومة هادي التي تدخلت السعودية تحت شرعيتها ومن وراءها التجمع اليمني للإصلاح بارقة الأمل الوحيدة لقلب المعادلة شمالا خاصة بعد فشل حركة التمرد التي قادها الرئيس صالح والتي انتهت بمقتله ويجدر بنا الإشارة إلى ان بارقة الامل هذه بدأت تخفت بشكل واضح خصوصا مع التقارب القطري الإيراني مؤخرا مما يهدد بقلب موقف الإصلاح وريث الإخوان المسلمين في اليمن وهو موقف بدأ بالفعل ينقلب ضد المملكة خصوصا وأن هذا الحزب الأصولي يرى الجنوب الغني بالنفط ينفلت من بين يداه يوما بعد يوم والشمال إلا مأرب وأجزاء من البيضاء وتعز في قبضة أنصار الله الحوثيين ، ومع كل هذه التعقيدات السياسية والعسكرية وإضافة إلى تأريخ سياسي وبنية إجتماعية شديدة التعقيد وبعد 5 أعوام من الأزمة يلوح المشهد الجديد ونرى السعودية تغرق في مستنقع اليمن

عن خاکسار

شاهد أيضاً

المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالمسيرات مصفى حيفا النفطي

أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق استهداف مصفى حيفا النفطي في الأراضي المحتلــــة صبــــــاح اليوم الخميس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *