صراط عشق صراط عشق
ما تشهده اليوم الشعوب الغربية من اوضاع مأساوية سواء في مجالي الطاقة او المواد الغذائية امر غريب لم يكن في الحسبان او يتصوره احد، فالغرب الذي كان يتحكم يوما بمفاصل العالم اقتصاديا وسياسيا نراه اليوم يقف عاجزا عن تامين الطاقة والمواد الغذائية لشعوبه في وقت لم يحل بعد فصل الشتاء الذي سيلقي بظلاله على هذه القارة لينشر الظلام والبرد القارص الذي سيوجع هذه الشعوب جراء سياسات حكوماتها الخاطئة التي تركض خلف السياسة الاميركية خدمة لمصالحها على حساب مصالح هذه الشعوب.
الاوساط الغربية تعزو الازمات الحادة التي تواجهها اليوم اوروبا لسببين الاول الازمة الاوكرانية والثاني جفاف الطبيعة التي لم تشهد اوروبا مثيلا لها منذ خمسة قرون وهي كارثة ستجلب معها الكوارث الاخرى. اما الازمة الاوكرانية التي حشرت فيها الدول الغربية هي اساس الماساة التي ادت الى التضخم وارتفاع اسعار الطاقة والماء والكهرباء والمواد الغذائية واذا ما استمر الحال على هذا المنوال فالقادم سيكون اسوء بكثير.
فالتذمر والاستياء الشديدين بدأ يلهب الشارع الاوروبي وخاصة الفرنسي وهو يتساءل عن جدوى العقوبات الاميركية ضد روسيا في وقت ان هذه العقوبات تصيبنا نحن مباشرة ونتحمل كل تبعاتها السلبية في حياتنا اليومية.
وفي ظل هذه الاوضاع المزرية لم تعد اوروبا موحدة نتيجة للمصاعب التي يثقل كاهلها وان الاتحاد الاوربي اصبح مهددا بالانهيار لان هذه الدول ليست على قلب رجل واحد تجاه العقوبات واذا ما نظرنا الى داخل الحكومات الاوروبية هي الاخرى غير منسجمة نتيجة للخلافات الموجودة بين رجالها السياسيين والاقتصاديين حول هذه العقوبات.
وبالتاكيد ومع مرور الايام فان الاوضاع في اوروبا ستزداد سوء جراء التكلفة العالية للمعيشة وقد يدفع بشعوبها للنزول الى الشارع خاصة وان السياسيين يحاولون عبر تصدير بعض الشعارات البراقة والخاوية تضليل شعوبهم وان ما يقومون به وما يتحملونه هو ثمن الحرية اضافة الى انهم يدافعون عن شعب يتعرض للحرب. هذه الكلمات نطق بها الرئيس الفرنسي ماكرون وكانه يريد امتصاص غضب الجماهير واعتراضها المستقبلي على تردى للاوضاع الاقتصادية وتعتبر ذلك ليس ثمنا للحرية بل في الواقع ثمنا للتبعية العمياء لاميركا التي ورطتهم في حرب بالوكالة خدمة لمصالحها لانهم لا يجنون منها سوى الخيبة والخسران وان الشعب الالماني الذي تعتبر حكومة من اقوى الاقتصاديات في اوروبا يهيء نفسه للعودة الى الوراء باستخدام الفحم الحجري وهكذا في بريطانيا بدأت الصحافة البريطانية تهيئ الاجواء لاجراء سياسة تقشفية غير مسبوقة في تاريخ الاوروبا حيث دعت هذه الصحف الناس لاستخدام المعلبات المتعفنة والمنتهية الصلاحية لان القادم وفق هذه المؤشرات سيكون سيئا للغاية وعلى شعوب الاوروبية ان تتحرك لاستعادة سيادتها واستقلال قرارها الوطني بعيدا عن الاملاءات الاميركية التي لا ترى الا مصالحها.
