أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار / الطابع الذرائعي لإصلاحات بن سلمان.. نظرة تحليلية

الطابع الذرائعي لإصلاحات بن سلمان.. نظرة تحليلية

إن الإجراءات الإصلاحية خلال فترة الملك سلمان و ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هي إصلاحات “استعراضية” لأنها في نفس الوقت الذي تستخدم فيه سياسات المواجهة العنيفة المؤسسة على الاقصاء، فهي إجراءات تستهدف مواجهة التحديات المتزايدة والتوترات الطائفية، إذ لم تغير توازن القوى أو توازن المصالح بشكل جذري، ولم تضع حدا للنظرة الطائفية والتمييز ضد الشيعة، ولم تؤد إلى إجراء الإنتخابات.

عندما اعتلى الملك سلمان عرش الحكم في السعودية بعام 2015 واجه تحديات قل نظيرها، فمن منظار المحللين ان حكام المملكة كانوا يواجهون تحديات جمة ومشاكل كثيرة نتيجة الربيع العربي بعام 2011 وكان على الحكومة السعودية الاهتمام بتلك القضايا، وتأتي ضمن تلك التحديات تنافس الأمراء وزيادة نسبة الشباب والطبقة الجديدة من النساء اللواتي حصلن على شهادات جامعية، وعلماء الوهابية المتطرفين، وأزمة البطالة والأقليات التي تواجه القمع. على هذا قام حكام المملكة في مختلف الفترات بإجراء إصلاحات استعراضية وشكلية.

يرى ديفيد راندل، الباحث البارز في الدراسات السعودية، إن نفس القوى التي أدت تاريخيا إلى التغيير في الممالك الأخرى تظهر في شبه الجزيرة العربية اليوم. على سبيل المثال، يمكن ذكر نهاية الخضوع الاجتماعي، وتراجع الإسلام الوهابي، وصعود النزعة الفردية. هذا ويتضاءل ببطء الخضوع للهياكل الهرمية والقبلية التي يقوم عليها النظام السياسي السعودي. تواجه المملكة العربية السعودية عددا متزايدا من السعوديين الذين إما لم يعودوا ينتمون إلى مجموعات تقليدية أو الذين تتعارض وجهات نظرهم بشكل واضح مع غالبية الجماعات التي ينتمون إليها.

تأثير المكون الخارجي في إجراء إصلاحات شكلية

لدى النساء والشباب السعوديين على وجه الخصوص اهتمامات لم يتم تلبيتها وتعزيزها على يد النخب الدينية أو القبلية أو البيروقراطية أو التجارية في المملكة. بالإضافة إلى تراكم التحديات المذكورة أعلاه وأزمة الشرعية الناتجة عنها، ينبغي التركيز على تأثير المكون الخارجي في إجراء إصلاحات شكلية؛ وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية واجهت الكثير من الضغوط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وكان اسم هذا البلد مرادفا للإرهاب والتعاليم الدينية الراديكالية وعدم المساواة بين الجنسين والتنمية الاقتصادية الضعيفة، لدى الرأي العام ووسائل الإعلام العالمية. لذلك، كان الكثيرون خارج البلاد ينتظرون مصلحا شابا يتمتع بشخصية كاريزمية لعكس هذه الصورة.

ولما كان الملك سلمان لم يتمتع بتلك السمات، فقد ظهر ابنه محمد إذ وفي الفترة الواقعة بين 2015 حتى2018 بالغت وسائل الإعلام الغربية حول المملكة وإمكانيات ولي العهد الجديد كونه المطالب بالإصلاحات، غير ان مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي اظهر ثنائية الإصلاح وسياسة الإقصاء والطرد، وبعدها انتهت عبارات الإشادة بمحمد بن سلمان.

ان مجمل العوامل الداخلية والخارجية إعلاء أدت إلى اتخاذ مجموعة من المبادرات الإصلاحية السطحية والاستعراضية وتقديم المبادرات التي توقفت في فترة ملك سلمان.

أما فيما يتعلق بأهم الإصلاحات التي أصبحت على رأس أجندة رؤية 2030 في المجال الاجتماعي هي أنها منع السينما بعد ما يزيد على ثلاثة عقود وتمكن المرأة من القيادة والسماح بعزف الموسيقي في المطاعم.

تحديان رئيسان للنهوض برؤية 2030

هناك تحديان رئيسان للنهوض برؤية 2030 من وجهة نظر كارين يونغ، الخبيرة الاقتصادية السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هما: أولا، عدم توافق البيروقراطية السعودية ومصالح الأسرة الحاكمة والنخب ذات الصلة. ونتيجة لذلك، إمكانية وقف الإصلاحات المحدودة والشكلية وثانيا، الاختلاف في نموذج الخليج لتطوير الأصول والعقارات القائم على بناء المنازل والسياحة بين الرياض ودبي.

يجب إطلاق الإصلاحات ذات الطابع الذرائعي على إصلاحات عهد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأننا رأينا سياسات متضاربة وعمليات إقصاء متزامنة منذ عام 2015. على سبيل المثال، في سبتمبر 2017، أمر محمد بن سلمان باعتقال 30 شخصية من علماء الدين، مما يشير إلى إحجام الحكومة عن قبول مظالم الإسلاميين. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ليس كل الإسلاميين المحكوم عليهم بالسجن في السعودية متطرفين. ومن بينهم شخصيات مثل عبد الله الحامد ومحمد القحطاني والشيخ سلمان العودة، وجميعهم يريدون ملكية دستورية. لا أحد منهم يؤمن بالنزاع المسلح أو يستخدم العنف لتحقيق أهدافه. في الواقع، أصبحت مشاكل المجتمع السعودي مبررا لإقصاء الخبراء الذين يتبنون آراء متعارضة بشأن الإصلاحات المعلنة. إضافة إلى هذا هناك العديد من حالات انتهاك حقوق الإنسان في السعودية سجلت في عام 2021 ومنها إصدار حكم الإعدام لسلمان العودة ومحاكمة الناشطات و.

تعريف استعراضي للحداثة والإصلاحات

على هذا قدم محمد بن سلمان تعريفا استعراضيا للحداثة والإصلاحات، ولم تكن مفاهيم الحكومة المنتخبة والانتخابات كونها تمثل تحولا حقيقيا هي الهدف الرئيس له. تم تقديم الخطط الاقتصادية لولي العهد، وتم تهميش أفكار الاقتصاديين الذين انتقدوا خصخصة أرامكو. اقتصرت الحداثة والتحديث في المملكة العربية السعودية على قيادة المرأة وإدخال السينما والثقافة الغربية بين العامة وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد السوق الحر والاستثمار الأجنبي والسياحة.

ملخص القول وبناء على مؤشرات التسامح الديني والفساد والمشاركة يجب اعتبار إصلاحات محمد بن سلمان، الإصلاحات ذات الطابع الذرائعي؛ فوفقا لمعايير التسامح الديني، لا يزال التمييز المنهجي يمارس ضد الشيعة السعوديين، ولا يُسمح للأقليات الدينية الأخرى مثل المسيحيين واليهود والمسلمين غير الوهابيين بممارسة طقوسهم بحرية. وبحسب مؤشر الفساد، لم يتم تنفيذ جهود مكافحة الفساد من خلال عملية شفافة.

بناء على مؤشرات المشاركة، لم يتحول مجلس الشورى إلى هيئة منتخبة. في الواقع، فإن إجراءات الإصلاح خلال فترة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان هي إجراءات ضد التحديات المتزايدة والتوترات الطائفية التي لم تغير بشكل جذري ميزان القوى أو ميزان المصالح الريعية، إلى المشاركة الاجتماعية والسياسية والانتخابات وانتهاء الطائفية، كما ان التمييز ضد الشيعة لم ينته ولا تزال أزمة شرعية النظام السياسي السعودي قضية عالقة. يصف النقاد السعوديون خارج المملكة العربية السعودية جهود محمد بن سلمان الجديدة بأنها عبارة عن حصر التغييرات في الترفيه، وتقييد الحركة الإسلامية، وكما ان الانفتاح الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين ليست إلا حركات استعراضية وسطحية.

عن خاکسار

شاهد أيضاً

ماجرى بعد السابع من أكتوبر حرٌك الضمير والصحوة الإنسانية العالمية

أكد الوزير اللبناني السابق، الدكتور ” عدنان منصور” أن السابع من أكتوبر محطة تاريخية فاصلة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *