أخبار عاجلة
الرئيسية / معارف / أفكار ورؤى / ضجّت الملائكة

ضجّت الملائكة

بسم الله الرحمن الرحیم الحمدلله رب العالمین

ضجّت الملائكة:
الأحاديث من الفريقين تؤكد أنّ عددا من الأنبياء منهم أولوا العزم من الرسل قد زاروا أرض كربلاء بأجسادهم قبل حدوث الواقعة بآلاف السنين ؟ فلا شكّ أنّ أرواحهم أيضاً كانت حين الواقعة متواجدة هناك ، كما أنّهم بأرواحهم يزوروا الإمام الحسين عليه السلام غداةً و رواحاً، فقبره عليه السلام هو مختلف الأرواح الطيّبة .
وكذلك الملائكة سواء المقربون أو الموكلون تواجدوا حين ذاك و يختلفون عند قبره عليه السلام كما أنّ مؤمني الجنّ لم تَفتهم هذه النعمة العظيمة ، فبالنتيجة كربلاء كانت و لا زالت مليئة بأرواح الطيبين من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و الملائكة و الجنّ .
هذا ولكن الجدير بالذكر أنّ طائفين من المخلوقات رغم تواجدهم حين الواقعة لم يكن لهم دور في القتال معه عليه السلام رغم قوتهم ، اللهم إلا التأييد و النصر بالتشجيع ، وهما : (الملائكة ، والجنّ) والسبب يرجع إلى موقف هذين المخلوقين .
أمّا الملائكة : فالسبب يكمن في موقفهم غير المدروس في قبال قوله تعالى لهم (…إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً…) حيث قالوا (… أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) وهذا الكلام يضمن نوعا من التعجّب الذي لم يتوقع منهم وهم (..عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء/٢٦و ٢٧). فشرعوا بالإنتظار عندما أجابهم سبحانه فقال (… إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)(البقرة/٣٠).
فرغم وجود الإفساد في الأرض وسفك الدماء هناك أسرار وراء خلق الإنسان لا يعلمها إلا الله تعالى ، هذا ما جعل الملائكة في حيرة من أمرهم ولذلك ورد في الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام (… لما قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ضجت‏ الملائكة من ذلك و قالوا يا رب إن كنت لا بد جاعلا في الأرض خليفة فاجعله منا ممن يعمل في خلقك بطاعتك فردّ عليهم‏ إني أعلم ما لا تعلمون‏ ..الخ). والجدير بالذكر أنّ الملائكة أيضا ضجّت حينما قتل الحسين عليه السلام (قال أبو عبد الله ع‏ لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان ضجّت‏ الملائكة إلى الله بالبكاء و قالت يفعل هذا بالحسين صفيك و ابن نبيك قال فأقام الله لهم ظل القائم عجل الله فرجه و قال بهذا أنتقم لهذا) الكافي ؛ ج١ ؛ ص ٤٦٥
ولكن هل كانت لديهم حيلة للحيلولة دون حدوث الواقعة ؟ كلا ! بل عندما جاؤوا لنصرة الحسين رأوه مقتولا صريعاً كما في حديث الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ الطويل ( عن الرِّضَا عليه السلام …وَ لَقَدْ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لِنَصْرِهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ فَيَكُونُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ شِعَارُهُمْ يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ)
ولكن لا يخفى عليك أنّهم لا ينصرون الإمام الحجّة عجل الله فرجه بالقتال، بل بالتأييد و إيجاد الرعب في قلوب الأعداء . كلّ ذلك لأنّهم قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء)
وأمّا مؤمنوا الجنّ : فأمرهم أصعب حيث يترأسهم إبليس اللعين كُرهاً كما يشير لذلك سبحانه باشارة لطيفة في قوله (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا)(الجن/٤). فهم لا يعترفون في قيادته رغم اعترافهم أنّه منهم (سفِيهنا)! وكأنّه سبحانه يريد منهم أن يقضوا عليه ليتخلص البشر من شرّه و لم يفعلوا! ولذلك هم جاؤوا لنصرة الحسين عليه السلام كما في الحديث ( أن الحسين لما كان في موقف كربلاء، أتته أفواج من الجن‏ الطيارة، و قالوا له: (يا حسين) نحن أنصارك فمُرنا بما تشاء، فلو أمرتنا بقتل (كل) عدو لكم لفعلنا. فجزاهم خيرا) (وعن أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) قال: لما سار أبو عبد الله الحسين (صلوات الله عليه و آله) من المدينة تكنفه أفواج الملائكة المسومين و المردفين في أيديهم الحراب على نجب من نجب الجنة فسلموا عليه و قالوا: يا حجة الله على خلقه بعد جده و أبيه و أخيه إن الله قد أمدّك بنا فقال لهم: الموعد حضرتي و بقعتي التي أستشهد بها في كربلاء فإذا وردتها فأتوني فقالوا يا حجة الله إن الله أمرنا أن نسمع لك و نطيع فهل تخشى من عدو يلقاك فنكون معك فقال لا سبيل لهم علي و لا يلقوني بكريهة حتى أصل إلى بقعتي و أتاه أفراخ من مؤمني الجن‏ فقالوا له: يا مولانا نحن شيعتك و أنصارك مرنا بأمرك فإن أمرتنا نقتل كل عدو لك و أنت مكانك لكفيناك ذلك فجزاهم خيرا و قال لهم: أ ما قرأتم كتاب الله المنزل على نبيه المرسل قوله تعالى: قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم‏ فإذا أقمت مكاني فبما ذا يمتحن‏ الله هذا الخلق المنكوس و إنما يحشرون إلى النار و أما من يكون حضرتي بكربلاء التي اختارها الله لي دون الأرض و جعلها معقلا لشيعتنا و محبيهم و يقبل فيها أعمالهم و يشكر الله سعيهم و تكون لهم أمانا في الدنيا و الآخرة هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة.) الهداية الكبرى ؛
كأنّه عليه السلام أراد إبعادهم من دون أن يذكر لهم السبب الحقيقي المتعلق بهم ، فاستند إلى موضوع القضاء و القدر ! هذا ما نلاحظه في كثير من كلمات شهيد الطف سواء بين الطريق أو في كربلاء .
هذا و الإمام السجاد يقول في خطبتة الإمام زين العابدين عليه السلام (أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء أنا ابن من ناحت عليه الجن‏ في الأرض و الطير في الهواء )

مناقب آل أبي طالب (لابن شهرآشوب)، ج‏٤، ص: ١٦٩

مشهد المقدّسة
العبد
إبراهيم الأنصاري البحراني
٢٣محرّم ١٤٤٠

اللهم صل علی محمد وآل محمد وعجل فرجهم

عن حجت‌الاسلام ابراهیم الانصاری

شاهد أيضاً

اليوم ، الحضارة الغربية آخذة في التدهور ، أي أنها تنخفض حقاً

إن شاء الله ، سترون جميعاً انحطاط أعداء الإنسانية ، أي هذه الحضارة الأمريكية المتدهورة وتدهور إسرائيل ، بفضل الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *